الناس يعملون يا صديقي...
يستيقظون قبل الشمس،
يقطعون شوارع باردة،
يركبون الحافلات المزدحمة،
يبتلعون الوقت وهم واقفون،
كل هذا من أجل أجرة لا تكفي لشراء الأحلام.
رأيتهم...
الرجال الذين كُسرت ظهورهم في المصانع،
النساء اللاتي فقدن بصرهن في آلات الخياطة،
العمال الذين يأكلون الغبار ويبتسمون للمراقب.
الناس هناك...
يحملون آمالهم في أكياس مثقوبة،
يدفعون الإيجار كأنهم يدفعون فدية لحريتهم،
يتوسلون إلى النوم...
كأنه منحة سماوية،
وكل هذا من أجل ماذا؟
قطعة لحم في طبق،
أو حلم قصير لا يصمد حتى الفجر؟
من قال إن الجحيم يأتي بعد الموت؟
الجحيم هو وردية الليل في الميناء،
هو طابور الانتظار في مكتب الضمان،
هو ثلاجة فارغة وأطفال جائعون،
هو جسد يتهاوى كل مساء، دون أن يجرؤ على الصراخ.
الحياة الشاقة...
أتعرف ماذا تعني؟
تعني أنك تعيش لتدفع فواتير موتك.
أنك تمضي أيامك تطارد لقمة،
وأنت تعلم أن لا أحد سيتذكرك حين تسقط.
لكنهم يسمّون هذا كرامة.
يسمّون هذا تعبًا شريفًا.
أنا رأيت الكرامة تموت تحت عجلات الوقت...
والشرف ينام في الأزقة مع العاطلين.
أيها المساكين...
أيها القديسون المنسيون،
أنتم تمشون فوق نار،
ولا أحد يسمع صراخ أقدامكم.
يا له من عرض...
يا لها من مسرحية تافهة.
نولد ونركض ونركض...
ثم نسقط،
وهم يُصفقون... لا لأنك نجوت،
بل لأنك مت في دورك.
بوكوفسكي..