–
سيرة رجل من فزان: الملازم سيدا إبراهيم مطر قلمه
--------------------------------------------
المجتمع الذي ينسى رموزه الوطنية والاجتماعية هو مجتمع مصابة بحالة– فقدان الذاكرة وهى حالة مرضية تنتهى بصاحبها أما الى الموت البطىء او الى فقدان الذاكرة المجتمعية والتي سوف تؤدي بالضرورة الى فقدان الهوية الثقافية و ذوبان الكيان الاجتماعي خاصتها – في كيانات اجتماعية أخرى ؟ وكلا الأمرين مر وتأبى المجتمعات الحية القبول بهما والخضوع لها وتكافح من اجل ابراز خصوصيتها وتاريخها ومساهمتها الوطنية ...
هذا ما يسعى إليه المجتمع التباوي والذي يأبى أن ينسى تاريخه أو تزور هويته أو يطمس نضاله ويسعى جاهدا الى ابراز ثقافته وكيانه الاجتماعي في محاولة منه لتعريف الأمة الليبية بأن التبو جزء لا يتجزء من هذا الشعب , وأنه قدم و ناضل وضحى بأبنائه من اجل ليبيا —مند إنشاء الدولة الليبية الحديثة فى خمسينيات القرن الماضى حتى الساعة —-
من خلال صفحتنا المتواضعة -{ تبوناشن } –ومن خلال موقعنا الالكترونى{ تبوبوست }- نحاول كل ما امكن ابراز احدى الشخصيات الاجتماعية– او السياسية —او الثقافية التباوية من الماضي او حتى الحاضر للتعريف به ؟
ونذكر بأن الذاكرة التاريخية للمجتمع التباوي لم تصاب بحالة فقدان الذاكرة ورديلة نكران الجميل بعد– وأن ذاكرتها حية –تذكر الأجيال الحالية والقادمة انها لم –ولن –تنسى رموزها الاجتماعية والوطنية ..
سيرة رجل من فزان: الملازم سيدا إبراهيم مطر قلمه
في قلب الصحراء الكبرى، حيث الرمال والجبال وقسوة الطبيعة , وفى إحدى واحاتها فى وادي الحكمة حيث يمتزج رمل الصحراء بنقاء سريرة الإنسان ، ولد الملازم سيدا ابراهيم عام 1926 من القرن الماضى بقرية البُخي– بوادي الحكمة في جنوب ليبيا، رجل سيغدو لاحقًا من ركائز النظام والأمن في قلب فزان.؟
لم يكن المجتمع التباوي حينئذ يملك من الكوادر العلمية والعسكرية والأمنية ما يكفي ليساهم في بناء دولة ليبيا والتى نالت استقلالها حديثا, وذلك بعد عهود من الاستعمار التركي والايطالي -وكبقية مكونات الشعب الليبي لم ينال أفراده حقهم من التعليم, بما يمكنهم من المساهمة فى بناء بلادهم –ليبيا ؟
ورغم شح العناصر وفقر الكوادر في المجتمع التباوي تمكن الملازم سيدا ابراهيم سنة 1956م من الالتحاق بقوة بوليس فزان .حين كانت الدولة الليبية تسعى لبناء مؤسساتها بعد الاستقلال لتكون دولة عصرية .
، التحق الملازم -سيدا بقوة بوليس فزان، وقد حمل الرقم العسكري {451. ومنذ أول خطوة خطاها ، كان مثالا للرجل العسكري المنضبط والحازمً، وتكيف سريعا مع الحياة العسكرية ؟.
بعد تخرجه ادى الخدمة العسكرية والمهنية في مدينة سبها لعقدٍ كامل، من عام 1956 حتى 1966، ثم نُقل إلى متصرفية مرزق ، ثم تنقّل بين مراكز الأمن والبوليس فى حوض مرزق حيث استدعته واجبات العمل في كل من : وادي عتبة وأم الأرانب والقطرون وغات ومرزق.-- في كل منطقة، وفي كل مركز بوليس عمل به ترك الملازم سيدا ابراهيم أثرا طيبا وسيرة حسنة لا زالت سيرته تذكر بين معارفه،–عندما تذكر الأمن فى فزان فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى –لا يمكن أن تنسى اسم – الملازم سيدا ابراهيم ؟ .
في عام 1968، تُوجت مسيرته بالترقية إلى رتبة اعلى ، وتم تكليفه برئاسة مركز شرطة القطرون، المدينة التي عرفته لاحقًا بوقاره ومحبته لأهلها. لكن في العام 1972، وضمن تنظيم الدولة وبناء الإدارات و مع قرار نقل بعض قيادات الشرطة إلى العمل المدني، انتدب المرحوم – سيدا إبراهيم إلى ميادين أخرى للعمل ، حيث أصبح موظفًا في الفرع البلدي القطرون حتى تقاعده في عام 1988.
المرحوم –سيدا ابراهيم –الضابط السابق فى جهاز البوليس والشرطة –شخصية اجتماعية معروفة وسط المجتمع التباوي –عرف عنه الحكمة والهدوء وبشاشة الوجه عند الاستقبال والكرم –ورغم مهمته الأمنية المكلف بها على مدى اربع عقود فى حوض مرزق –والتى تتطلب الحزم والشدة احيانا الا ان مسيرة عمله لم تشهد الا الامتنان والرضى والقبول من سكان المنطقة - ورغم تغير بدلته العسكرية–و الامنية الى بدلة مدنية –الا ان المرحوم –سيدا ابراهيم لم يتغير قلبه وظل وفيا لعادات وتقاليد مجتمعه وبقي كما عرفه الناس: رجل قانون وعدالة وحكمة ,ووجاهة اجتماعية ،.
خلّد اسمه لاحقًا في كتاب "الحيشان – ترجمة لشخصيات من فزان"، الجزء الثاني، الصادر في بيروت. هناك، بين سطور الكتاب، وُثق أثره، كما وُثق في ذاكرة من عاصروه.
في عام 2007، أسلم سيدا إبراهيم روحه لبارئها، بعد مسيرة طويلة عنوانها الإخلاص، والتفاني، والصبر. رحل جسده، لكن بقيت سيرته تروى على أرائك المجالس الفزانية، وتُتداول بخشوع على صفحات "الحيشان".
رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون