العبـ ـودية في ليبيا تاريخ مسكوت عنه

من طرابلس إلى غدامس وفزان، ظلّت العـ ـبودية جزءًا من النسيج الاجتماعي والاقتصادي لولاية طرابلس الغرب حتى منتصف القرن العشرين. ورغم إلغاء العبـ ـودية رسميًا في فترات مختلفة، فإن آثارها الاجتماعية والنفسية لا تزال قائمة حتى اليوم.

في مطلع القرن التاسع عشر، كانت القوافل العابرة للصحراء تنقل العبـ ـيد من أعماق إفريقيا إلى أسواق طرابلس وغدامس، حيث كان يُنظر إليهم كسلع تُباع وتُشترى جنبًا إلى جنب مع العاج وريش النعام.

وفي عام 1856م، وتحت ضغط أوروبي، وقّعت الدولة العثمانية اتفاقية دولية لحظر تجارة العبـ ـيد، لكنها لم تُطبّق بجدية.

بعدها بأربعة عقود، وفي 1896م، أصدر الحاكم العثماني "أحمد راسم باشا" أمرًا بتحرير جميع العـ ـبيد وتهديد من يتاجر بهم بالعقوبات.

ورغم دخول الإيطاليين إلى البلاد سنة 1911م وإعلانهم إنهاء العبودية رسميًا، إلا أن العلاقات التي تشبه العبـ ـودية استمرت تحت ستار ما يُعرف بـ"الولاء"، وهي علاقة تبعية بين العـ ـبد المُحرر وسيده السابق... وقد استخدمت القبائل الليبية العبيــ ـد في نزاعاتها المحلية كما استخدمتهم في محاربة الإيطاليين .

لم تكن العبودية في ليبيا مجرد نظام قانوني بل كانت نظامًا طبقيًا واجتماعيًا متجذرًا، تجلّى في المفردات اليومية والمصطلحات المستخدمة لوصف العبـ ـيد.

إليكم أبرز المصطلحات الخاصة بالعبودية كما وردت في الوثائق الشرعية الليبية:

- عـ ـبد: العـ ـبد الذكر، ويُعد المصطلح العام للذكور المستعبدين.

- خادم / خدّام :عبد يعمل في خدمة المنزل.

- جارية / جواري : أَمَة تعمل في المنزل أو كجارية للمتعة.

- أمّ الولد : جارية أنجبت لسيدها، تُعتق عند وفاته.

- غُلام :عبـد صغير بين 10–14 سنة، يعمل كرسول أو مرافق في القوافل.

- أمَة : جارية صغيرة في السن، بين 10–14 سنة.

- سدس / سَدَسيّة : عبـ ـيد بين 12–15 سنة، يُستخدم غالبًا في تجارة العبـ ـيد.

- سَبع / سَبعِيّة: عبيـــ ـد بين 16–18 سنة، وغالبًا يُباعون بأسعار أعلى.

- زنـ .ـجي / زنـ .ـجية:مصطلح يستخدم في طرابلس للعبـ ـيد السود، وغالبًا ما يحمل مدلولًا عنصريًا.

- شوشان / شوشانة (Shwshan / Shwshana) مرادف محلي لز.نــ ـجي وز.نـ ـجية، ويُستخدم في الوثائق الرسمية..

- شواشنا:محررون سابقون في فزان، يعملون في الزراعة كمشاركين في الحصاد.

- فزازنة: مصطلح يُطلق على العبيد المحررين في منطقة فزان.

- جبّاد:عبد سابق يعمل في الريّ مقابل نسبة من المحصول.

عتّارة:أبناء المحررين في مدينة غدامس.

- حُمران :نسل العرب المستقرين الذين تزاوجوا مع عــ ـبيد سابقين.

هذه المصطلحات ليست مجرد كلمات؛ إنها ترجمات لواقع اجتماعي ظلّ قائمًا لعقود، حيث ارتبط لون البشرة والمكانة الاجتماعية بماضٍ من الاســـتعباد والتبعية.

اليوم، علينا أن نعيد قراءة هذا التاريخ بوعي، لا من أجل جلد الذات، بل لفهم جذور التفاوت الاجتماعي والتعامل معه بشجاعة وصدق.

نحتاج إلى فتح هذا الملف المسكوت عنه، لأن الاعتراف هو أول خطوة نحو التحرر الحقيقي.

منقول.