هذه قناعاتي

.. !!!


كنت ولا زلت حريصا كل الحرص على أن لا انطوى تحت راية إي جماعة أو حزب أو قبيلة أو جهة. كنت و لازلت أرى ان مستقبل ليبيا هو في وحدتها وفي بناء دولة عصرية تمنح للجميع حقوقهم ويخضع الجميع فيها لحكم القانون.

كنت ولا زلت على قناعة أن غالبية الشعب الليبي لا ناقة ولاجمل لهم في هذه الصراعات المدمرة التي تم جر البلاد لها والتي فتحت الباب على مصرعيه وحولت بلادنا الى ساحة لتسوية الصراعات الدولية والأقليمية وأن الشعب الليبي لا مصلحة له في موت ابنائه ويتم أطفاله و أرملة نسائه.

كنت ولازلت اؤمن بأن ليبيا تمتلك الكثير من الخيرات ولديها نسيج اجتماعي مميز ولديها طاقات كامنة وبإمكانها مع العمل والصبر و المثابرة أن تتحول الى بلد مميز ينعم بالرخاء و التقدم.

كنت ولا زلت أؤمن بأن الثروة الحقيقية للشعوب هي عقول ابنائها وبناتها وبالتالي المكان الطبيعي لهم هو المدارس العصرية الحديثة و الجامعات المتقدمة ومعاهد التدريب والتطوير لا العسكرة و الاقتتال وتجرع الكراهية و الحقد. وإن ما يحتاجه الشباب الليبي هو المعرفة و المهارات وتنمية القدرات وليست التعبئة السياسية المتعصبة.

كان بإمكان ليبيا أن تتخطى هذه المرحلة لو كانت لدينا قيادات مبصرة ومسؤولة. لكن القيادات التي تمكنت من السيطرة على المشهد السياسي زجت البلاد في صراعات غبية انهكت البلاد وأفسدت الحياة السياسية وتحولنا بفضل هذه السياسات الحمقاء الى مجموعات تتقاتل دونما هدف حقيقي جدير بالقتال من أجله. سياسات أدخلت التصنيفات السياسية و التعميمات والمفردات العنصرية الى ساحة بكر غالبية روادها لم يشارك في نقاش حر ولم يقرأ كتاب ويفتقر الى ابجديات الثقافة السياسية وأبسط مهارات العمل و التنظيم.

ما أراه أمامي هو استغلال لعواطف الناس و التلاعب بها من قنوات مرئية فاسدة لاتخاف الله ولا تراعي ذمة ولاضمير، ومن قيادات لا تتقن سوى الثرثرة أمام الميكروفونات، قيادات فاشلة عاش جزء منها سنين المنفى بعيدا عن الواقع الليبي ولم يحاول إلا القليل منهم أن ينفتح على المجتمعات التي عاشوا بها ويتقنوا مهارات ومعارف التنظيم و العمل الجماعي ومفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون وأهمية العلم و التخطيط وفوق ذلك كله أهمية الصدق مع النفس والغير.. وقيادات محلية تربت على الكولسة والدجل وعلى نهب المال العام ولم تتقن سوى هدرزة المرابيع وما يكتنفها من غيرة وحسد بدائيين وميل الى الجدل و الخصام واتهام الأخر.

المشهد الليبي الحالي قاتم ما في ذلك من شك ولكنه غير ميؤوس منه. فليبيا تشهد اليوم اشتباكات بين مجموعات مسلحة ولكنها لا تشهد حربا أهلية بين ابناء الشعب. البعض يريد ذلك ويسعى اليها ولكن الله و الشعب الليبي سيخيبان ظنهما. الحرب الأهلية تقوم على انقسام الناس بشكل عمودي الى مجموعتين وعلى ايمان كل مجموعة بأن المجموعة الأخرى تمثل خطرا وجوديا عليها. الحرب الأهلية هي حرب الناس .. يهجم فيها أهل هذا الحي على ذاك الحي لإختلاف في الدين أو المذهب أو العقيدة السياسية.

لازالت أمامنا العديد من الفرص لكي نصحح المسيرة ولكي نضع حدا للموت الذي يتجول شوارعنا ويختطف أحبتنا ولكن هذا لن يتأتي إذا لم ينتصر الانساني على السياسي فينا. لن يتأتي إذا لم مالم نكن منصفين مع خصومنا بالقدر الذي نتمناه منهم. أن نمتنع عن التصنفات و التعميمات وإشاعة الكراهية. بأن نحارب الخطأ و الجريمة و الانحراف لذاته وليس لشخص من قام به. بأن نسعى لقول وفعل الخير ولانيأس من روح الله. بأن يتحمل كل فرد مسئوليته ويؤدى عمله على أكمل وجه.

عندها ستشرق شمس الخلاص وسيحل السلام والوئام و لاستكثروا ذلك فالتاريخ مليء بالحروب و الصدامات والانكسارات ولكنه مليء أيضا بقصص شعوب استطاعت ان تنهض من جديد وان تتجاوز خلافاتها وأن تعيد بناء نفسها. أدعو الله أن يوفقنا جميعا لكي نسعى بالخير والمحبة والتسامح والاصرار عليهم لنعيد الى ليبيا بهائها ونمنح الشعب الليبي الذي طالت عذاباته ما يستحق من أمن وأمان.

محمد طاهر