ملامح قرن جديد

الخرائط ليست تابثة ، والقوانين ليست مقدسة ، والحروب ليست معلنة .

روسيا بعقيدة ( السوفييت ) أقتطعت القرم والدونباس كحق تاريخي بجنازير الدبابات .

أمريكا تعيد إنتاج وصفة ( غزو العراق ) للتمدد بالحديقة الخلفية بدءا من فنزويلا .

الصين بهدوء تنتظر لحظة إرهاق الخصوم لإلتهام تايوان ومنشوريا وبحر الصين الجنوبي .

أوروبا تفقد مكانها على الطاولة ، فلا أحد يريدها قوية ، وتدريجيا تتحول من صياد إلى فريسة .

بدون إعلان رسمي يتشكل نظام عالمي جديد معاييره ( الإقتصاد ) من يملك ثروة المستقبل ( نفط وغاز ومعادن ) .

في الظاهر الكل ينتقد الحروب ، وفي الخفاء الكل يشجع عليها ويستفيد منها .

فنزويلا ثم كولمبيا ثم البرازيل ( ثروة ضخمة ) تتغلغل فيها الصين ، وكأنها مصارع لايحمل سيف بل علم أحمر ليستفز الثور الأمريكي في الحلبه ويستنزف قواه حتي تحين لحظة السقوط .

أوكرانيا ثم البلطيق ( ثروة هائلة ) تسيل لعاب الجميع ، تدخلها روسيا بالنار ، وتسيل لعاب أمريكا بالصفقات ، وتدفع تكاليفها أوروبا بكوابيس الأمن ، وتصفق لها الصين لإستنزاف الجميع .

تايوان ثم أسيا الوسطى ( ثروة ضخمة ) تمارس الصين فيها لعبة التغلغل الناعم في إنتظار لحظة إلتهام الفريسة ، بينما أمريكا ترد بلغة التهديد ونشر الحاملات التي لن تنفع سوى في إطالة عمر الفريسة .

منطقتنا ليست بعيدة عن هذا الصراع وإعادة رسم الخرائط والنفوذ ، بينما أمريكا تمارس سياسة ( جمع الأتاوة ) ، وتتراجع روسيا فيها بحكم حرب أوكرانيا الأهم في ( ترويض الغرب ) ، تتغلغل الصين لتملك ( مفاتيح اللعبة ) لأنها تعلم أن لحظة إعلان ( النظام الجديد ) تقترب ، وفقا لها ستعلن خريطة الحدود الجديدة .

ووسط الحرب العالمية الثالثة ( الغير معلنة ) تكون أفريقيا التي أستفادت من صراع الكبار ، فخرجت من ثقافة القطبية الواحدة ، ويعلو صوتها الذي كان يصنف ( عورة ) فأصبح همس الأمس هو عناوين إنقلابات اليوم ( رفض مخلفات التبعية الغربية ، تأميم الثروة ، صك عملة أفريقية ، وحدة الأقاليم )

مع أن هذه الشعارات والسياسات والإنقلابات لاتخلو من رائحة الدعم الروسي الصيني ( الغير برئ ) ، لدرجة روسيا دعمت ( منظمة أبناء القادة الثوريين ) ، والصين أعطت منح مجانية ( لأبناء القادة والزعماء والجنرالات المؤثرين ) .

وهنا وضع حساس للغاية يحتاج وعي عميق وحنكة سياسية تمزج بين الإستفادة من هذا الدعم من باب ( البرغماتية ) ، وبين عدم السقوط في فخ ( التبعية ) وإستبدال ( مستعمر بمستعمر ) .

مجرد عناوين رأيت أن اضعها أمامنا ونحن على مشارف ( عام جديد ، ونظام عالمي جديد ، ومعطيات جديدة ) نملك أن نكون فاعل فيها إذا فهمنا ألغازها وفككنا شفراتها ، والأهم أقتنصنا ( اللحظة المناسبة ) للفعل الذي هو ( قادم حتما ) .

نحن نملك مفاتيح القارة ( أرث القذافي ) الذي لايوجد شبر فيها ( لم يدعم فيه حركة تحرر ، ولم تطأ قدمه فيه ، ولم يلهم مكوناته من ملوك القبائل حتى نخب النساء والشباب ) ، والذي تدفع اليوم روسيا والصين وحتى الهند مئات المليارات لتحل محله ، وتعلم جيدا أن باب ثروة المستقبل يمر من خليج سرت ، وأن طريق الحرير لن يصل مبتغاه إلا عبر الأب الروحي الذي تهتف له شعوب القارة وتتلمذ على خطاباته الشباب والقادة الثوريين الجدد .

منقول—-..