ليبيا مقبرة العدالة: القضاء الليبي تحت نَيْــــر التوظيف السياسوي..وضعية سيف الإسلام القذافي.. نموذجاً.

ليست المذكرة الصادرة عن مكتب الادعاء العسكري ضد سيف الإسلام القذافي إلا حلقة من سلسلة الاستهداف السياسي التآمري الحاقد الذي يبرهن مرة أخرى أن القانون والعدالة معضلة من أشدّ المعضلات التي سوف تواجهها ليبيا طول الأعوام المقبلة.. فقد كاد القضاء المسيّس لشقيق سيف الاسلام الساعدي من قبله وأبقاهُ مرتهنا في الزنزانة بإرادة جهوية ميليشياوية متغطرسة.. وكاد ونكّل ووُظّف كأبشع ما يكون ضد قيادات وطنية ليبية، وضدّ مواطنين ليبيين تعرضوا إلى التعذيب والإهانة والتصفية غير ذي مرّة..

هذه المذكرة العجيبة الغريبة، التي خجل عبد الحميد الدبيبه وجماعته أو عجزوا عن تمريرها عبر القضاء المدني، ولم تسعفهم الأحداث المتسارعة في تنفيذ مخططاتهم العدائية والحاقدة ضد الرجل فخيّروا "عسْكَرَتَها" واستنفروا كافة ميليشياتهم وتشكيلاتهم وزوائدهم بلا حجة ولا براهين، بل بتعلّة مثيرة للسخرية حقيقة، لا يمكن أن تصدر عن قضاء يحترم نفسه، ولا عن أية هيئة تزعم الانتساب إلى مجتمع القضاء ولو على سبيل الانتحال..

أيّ معنى للربط بين سيف الإسلام ومرتزقة "فاجنر" بتلك الطريقة السمجة، وتلك الصياغة اللغوية السقيمة التي لم يجتهد كاتبها حتى في الربط بين فقراتها ومحتوياتها كي يُنتج نصّا محترما بطريقة احترافية ومنطقية؟

وأي معنى للتركيز والتأكيد على ضرورة ضبط واعتقال سيف الاسلام وتعميم هذه المذكرة المضحكة على كل الإدارات والأجهزة الموجودة بصدرها، ولم نعلم بالضبط لماذا تم استثناء الحرس البلدي، وميليشيا البقرة وجودايم وجنزور مادامت جرائم سيف الإسلام ودوره في "عملية الكرامة" ثابتة والبراهين بشأنه دامغة؟!!!

أي معنى لهذا غير الحقد واستعجال قطع الطريق أمام منافس سياسي لم يعلن إلى حدّ الآن نيّته منافسة جماعة الغرب ولا جماعة الشرق!!

يا ترى لحساب من يقوم الدبيبه بكل هذا؟ ولمصلحة من يريد افتعال ملفّ بهذه القذارة للتخلص من سيف الإسلام؟

نخشى كل الخشية أن يكون الأمر صفقة مشبوهة بين أعداء الأمس واطراف حرب العاصمة لتحييد منافس مشترك.. ونأسف كل الأسف لتردي الممارسة السياسية واجتهاد المتصدرين للمشهد اليوم في تعفين بيئة العمل السياسي، ولجوئهم إلى أسوأ أساليب التصفية السياسية لخصومهم بالضرب تحت الحزام وتوظيف العدالة حتى وإن كانت عسكرية..

هل عجز هؤلاء نهائيا عن احتمال المنافسة وعن ابتكار الحيل السلمية وطرق التأثير الذكية على الشارع وعن إقناع الليبيين بعدم قدرة سيف الإسلام على تقديم شيء ذي بالٍ لمشاكلهم وتطلعاتهم فيرفضونه بحرية، ولم يبقَ إلا التخلّص منه باستخدام القضاء العسكري؟

لا شكّ أن الخصومة اليوم قد اتخذت بُعدًا جديدا اليوم.. وأن مستوى التنافس قد انحدر إلى دركٍ متدنٍّ.. وأن فرص الوصول إلى مشهد يستوعب الجميع وينأى بالقضاء عن مجريات التدافع الانتخابي قد تضاءلت بالفعل.. فأنت إزاء معادلة سياسية تجعل أقصى ما يتمناه من يريد منافسة الدبيبه وجماعته أن ينجُوَ وينفدَ بجلده، ويظفر بالسلامة الجسدية والمعنوية..

نحن أمام مسعىً واضح لفرض قواعد تنافس جديدة أساسها الترويع والاغتيال المعنوي.. لا مناص لمواجهته من أن يهبّ الليبيون كي يدافعوا عن قرارهم ويحتجوا ضد تضييق هامش الاختيار وتقييد حرية التصويت والمشاركة في الاستحقاق الوطني إن كُتب له أن يرى النور، وأن يخرجوا ضد من يحاول إفساد الحياة السياسية وتعفين المشهد وتسميم بيئة التدافع السياسي السلمي..

وإلى حين صدور إشعار آخر، ستظل العدالة في ليبيا مستضعفة ومشبوهة وغير مؤتمنَة على الحريات وعلى الحقوق وعلى مصائر الناس، بل على مصير الوطن نفسه ما دام محكوما بأمثال الدبيبه وجماعته.. وللحديث بقية.

محمد الامين