هل المجتمع التباوى محصن ضد حملات التنصير والتى تقودها منظمات تنصيرية تحت غطاء منظمات انسانية وخيرية فى افريقيا؟

 

Chad-map.jpg

عندما وضَع المخططُ التنصيري العالمي هدفَه الرئيس منذ عدة عقود، لتنصير القارة الأفريقية وتحويلها إلى قارة مسيحية بحلول عام 2000م، كانت تشاد في مقدمة الدول التي نالت اهتمامًا كبيرًا من المنظمات التنصيرية؛ باعتبار موقعها الاستراتيجي بالنسبة للقارة، وما تحتويه أرضُها من بترول وذهب، فقد دخلت تشاد الآن عصرَ البترول والذهب، وهي الآن أمام طفرة اقتصادية كبيرة، وهذه الطفرةُ تمثل تحديًا أمام المسلمين؛ لأنّ القوى التنصيرية تُراهن على استغلالها لدفع عجلة التنصير إلى الأمام.

فقد كانت الميزانيةُ الأولية المخصّصة للانطلاقة التنصيرية (3.5) مليار دولار، وكان نصيب تشاد وحدها من هذه الميزانية ثلاثة مليارات دولار؛ نظراً للأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لها، وفي هذا الصّـدد يقـول القس "أشو غيري" -وزير خارجية الفاتيكان-: "إنّ ما ننفقه في تشاد الآن لكونها من أفقر دول العالم، نستردّه بكلّ يسر خلال السنوات الأربع القادمة، لأنَّ أراضي تشاد من أغنى الأراضي في أفريقيا، والموظفين التشاديين كلّهم أو 90% منهم من مدارسنا".

ومما يرجح نجاح المخططات التنصيرية في تشاد وغيرها من الدول الأفريقية، ما يتمتع به المسيحيون من سيطرة على الحياة السياسية والتعليمية والاقتصادية في عدد من دول القارة، وقد أعلن هذا الهدفَ صراحةً البابا "بولس الثاني" في كلمته التي ألقاها بمناسبة ذكرى ميلاد المسيح في روما عام 1993م، لدى استقباله وفدَ أساقفة أفريقيا إذ قال: "ستكون لكم كنيسة أفريقية منكم وإليكم، وآن لأفريقيا أن تنهض وتقوم بمهمتها الربانية، وعليكم أيها الأساقفة تقع مسؤوليةٌ عظيمة؛ ألا وهي تنصير أفريقيا كلها"، وجند النصارى كل طاقاتهم التنصيرية والمادية والعلمية بالتنسيق الكامل بين الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي وغيرها من الهيئات التنصيرية من أجل تحقيق مطامعهم في تنصير القارة، وقام البابا السابق بثلاث زيارات خلال خمس سنوات زار فيها أفريقيا شرقًا وغربًا.

- استراتيجية جديدة للتنصير

وعندما جاء عامُ 2000م دون أن يتحقق هذا الحلمُ التنصيري الكبير، إذ استعصت القارة المسلمة على أن تتحول بسهولة إلى قارة مسيحية، سارع المخطط التنصيري إلى تغيير خططه وأساليبه، ووضع استراتيجية جديدة لتنصير القارة عام 2010 أو 2015م، وحسب هذه الاستراتيجية الجديدة هناك خطط جديدة لتنصير المسلمين في تشاد لكونـهم أهلَ شوكة في هذه المنطقة. فعندما أجمع الكرادلة في روما لوضع خطّة شاملة لتنصير أفريقيا كلّها، أشاروا إلى ضرورة تنصير الجزء المسلم من تشاد، فقالوا: إنّ تشاد منطقة هامة، وإنّ أيّة فكرة تظهر فيها تلقى سرعة انتشار كبيرة لوقوعها في مفترق الطرق في قلب أفريقيا، وهي مقبلة على مرحلة جديدة من الحياة الاقتصادية، وربّما تُصبح ثالث أهمّ منطقة اقتصادية في أفريقيا حسب الدوائر الاقتصادية الأمريكية.

وتقع تشاد في قلب القارة الأفريقيّة في المنطقة الفاصلة بين أفريقيا الشمالية وأفريقيا جنوب الصحراء، تَحُدّها شمالاً ليبيا، وشرقًا السودان، وغربًا كلّ من النيجر ونيجريا والكاميرون، وجنوبًا أفريقيا الوسطى. وتأتي في المرتبة الخامسة بين دول القارة من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها 1.284000كلم2، ومع أن الأراضي التشادية من الأراضي الغنية بالثروات الطبيعية، إلا أن تشاد تُعد من الدول الفقيرة، وذلك بسبب الحروب التي دامت مدّة طويلة، ولم تستطع تشاد خلالَها استغلالَ هذه الثروات.

يبلغ عددُ سكان تشاد9   ملايين نسمة، حسب إحصائية عام 2001م، وتُعد كلٌّ من الفرنسية والعربية لغتين رسميتين للدولة، والعربية لغة التعامل والتخاطب بين شرائح المجتمع التشادي كافّة، وهي الدولة الوحيدة الناطقة بالعربية خارج إطار جامعة الدول العربية.

ووصول الإسلام إلى تشاد جاء في وقت مبكر، وبالتحديد في القرن الأول الهجري عام (46هـ-666م)، وقامت فيها ثلاثُ ممالك إسلامية حكمت البلادَ 900 سنة. ولوقوعها في وسط القارة أصبحت نقطةَ انتشار للإسلام في نيجريا والنيجر والكاميرون وأفريقيا الوسطى، حيث قامت هذه الممالك الإسلامية بأثر كبير في نشر الإسلام في هذه المناطق.

ومع قدوم موجات الاستعمار إلى أفريقيا وآسيا في مطلع القرن الماضي، خضعت تشاد للاحتلال الفرنسي عام 1918م، الذي بدأت طلائعُه الأولى منذ عام 1892م، واستمرّت السيطرة الفرنسية على البلاد لمدّة ستين سنة، وطوال هذه الفترة مارست فرنسا كلّ أنواع الترهيب والترغيب مع المسلمين ليستجيبوا لها، لكنّها لم تنجح، فقامت بإلغاء العمل بالشريعة الإسلامية ورسمية اللغة العربية، وإحلال الثقافة الفرنسية مكانـها، وعندما استعصى المسلمون عليها قامت بإزالة آثار الممالك الإسلامية، وذلك بحرق المساجد والخلاوي والمدارس القرآنية، وقتل العلماء والفقهاء في مجازر جماعية.

وأمام مقاومة الشعب التشادي وإصراره على الاستقلال، مُنحت تشاد حكماً ذاتياً محدوداً ضمن مجموعة الرابطة الفرنسية عام 1959م، ثمّ نالت استقلالَها التام عام1960م.

- اهتمام تنصيري كبير

وفي العقود الثلاثة الأخيرة، ومع موجات الجفاف والمجاعات التي تعرضت له أفريقيا، ازداد الغزوُ التنصيري لدول القارة، وركزت الحملاتُ التنصيرية تركيزًا خاصًّا على تشاد –كما ذكرنا– وبدا ذلك واضحًا في الميزانية المخصصة لها من قبل المخطط التنصيري التي بلغت عام 1993م ثلاثة مليارات دولار، كما بدا واضحًا في عدد المنظمات التنصيرية العاملة هناك التي بلغت عام 2002م (2160) منظمة كنسية من أهمّها: أوكسفام والإغاثة الكاثوليكية، وورد فيزيون وهذه بلغت ميزانيتها عام 2002م (40) مليون دولار أمريكي. أما عدد المنصّرين فقد بلغ في العام نفسه (6534) منصّر، بينهم (260) منصر يتقنون اللغات المحليّة، و(15) يتقنون اللغة العربية الفصحى، و(7) يحفظون القرآن الكريم، و(3) علماء في الحديث وأصول الفقه، و(30) منصر من أبناء المسلمين الذين تعلّموا في مدارسهم وتنصّروا بعد أن ارتدوا عن الإسلام. وهؤلاء جميعًا يحصلون على رواتب عالية، ويزودون بوسائل المواصلات الحديثة من طائرات خفيفة وطائرات شحن، وسيارات وقوارب ودراجات نارية عادية أو صحراوية.

- مؤسسات ومنظمات تنصيرية

وإذا نظرنا إلى المؤسسات والمنظمات التنصيرية التي تعمل في تشاد، وتقود الحملة التنصيرية الشرسة عليها نجد:



18- الجمعية العالمية للغات، وهي جمعية هدفها تطوير اللغات المحلية، وقد اختارت (11) لغة محلية في تشاد، ولها نشاطات تنصيرية خطيرة تقوم بها في تشاد، وتتلقى الدعم من أمريكا وألمانيا وسويسرا وإنجلترا وكندا والمكسيك وفرنسا والنرويج وأستراليا ومن جميع الكنائس المسيحية. وهي أخطر الجمعيات التنصيرية في تشاد، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف أنفقت 42386871 فرنك سيف



رابط الموضوع: https://www.alukah.net/world_muslims/0/4040/#ixzz5qwwpcsB7