حدثت في آخر ثلاثين سنة ثلاثة حروب قبلية/قرابية في دارفور ، تفجرت نتيجة التغير البيئي ، الذي كان يؤثر علی طبيعة معاش السكان في دارفور ، حيث زيادة رقعة التصحر من الخمسينات والتي زادت بشكل كبير في الثمانينات ، وكانت القبائل العربية تعتمد علی الرعي والترحال بينما القبائل الأفريقية - التي تتحدث العربية أيضاً - تعتمد علی الزراعة والإستقرار ، والتغير البيئي دفع القبائل الأفريقية لإغلاق أبارها ضد القبائل العربية التي تتنقل من مناطقها لأجل الماء وإطعام الإبل ، فكانت قبائل شمال دارفور الأفريقية تتخلص حتی من فائض محصولها لمنع وصوله للقبائل العربية ، في الجانب الأخر بعد ان كانت السودان تعتمد علی تصدير القطن ، أدی تراجع أسعاره العالمية لاحقاً إلی تصدير اللحوم ، وهذا دفع بالقبائل الأفريقية الإغارة ونهب الإبل والأبقار من القبائل العربية التي تعتمد علی الرعي ، وما تسمية قبائل البقارة والأبالة العربية إلاّ لطبيعة رعيها إما للأبقار أو للإبل ، كما إن التصحر فرض أيضاً حروب القبائل العربية في حاجتها للماء من مناطق الزراعة التي تمتلكها القبائل الأفريقية ، حيث كانت حرب 89 بين الفور والقبائل العربية ، وحرب 98 بين المساليت والقبائل العربية ثم حرب 2002/2003 بين قبائل الفور والزغاوة والمساليت والقبائل العربية في دارفور ، وبدأ التصعيد العسكري بشكل كبير بعد هجوم القبائل الأفريقية علی مدينة الفاشر في شمال دارفور عام 2003 ، أستدعی هذا إلی دعم الحكومة السودانية للقبائل العربية لإحتواء الحركات المتمردة الأفريقية ومحاربتها ، عبر ماتسمی بقوی الجيش الشعبي من هذه القبائل ، بطريقة القوات الإحتياطية ، وأطلق عليها الجنجويد ، نسبة للرجل الراكب حصانه ويحمل بندقيته وكانت ملصقة بالقبائل العربية ، بالإضافة إلی إن دارفور كانت مسرح للأحداث السياسية في المنطقة وكانت تتلقی دعم مسلح فترة الثمانينات وفترة الصراعات في تشاد ، كل هذه العوامل أنتجت حرب دارفور التي في أساسها حروب الريع.
من جهة أخری كان يعتمد السودان في الفترة الأخيرة علی نصف إقتصاده من النفط ، الذي فقد 75% منه بعد تقسيم السودان ، وهذا ولد أزمات متصاعدة منذ عام 2011 ، لكن الدعم الآتي من الخليج عبر قطر والسعودية ، أخر إنفجار الأزمة قليلاً ، لكن مع تمويل حرب اليمن وسوريا وليبيا ، وتأزم المركز الرأسمالي الذي فرض جلب رساميل الموارد الخليجية لأمريكا أخر فترة ، بالإضافة لفرضه بالهيمنة علی الخليج إغراق السوق العالمية بالنفط لتخفيض أسعاره ، أضعف هذا من دعم الدول الخليجية للسودان وأنفجرت الأزمة الأخيرة.