بين مفخخات السياسة ومطامع الهيمنة..

مقال منقول....

لم يمضى عشرين يوما على مؤتمر باليرمو ، حتى عاد حفتر بالأمس لروما في زيارة لم تكن معلنة ، ووفق وكالة الأنباء الإيطالية أنه سيجري لقائين مع السفير الامريكي لدى تونس المكلف بالملف الليبي دانيال روبنستين ، وألتقي اليوم صباحا مع رئيس الوزراء الايطالي كونتي .. وصحيفة الميساجيرو الإيطالية تقول أن اللقائين ( سريين للغاية ) ..

وهذا يوضح ثلاث عوامل رئيسية ، أولهما التنسيق الكامل الأمريكي الإيطالي ، وأن إيطاليا تنفذ الخطة الأمريكية في ليبيا على حساب فرنسا التي تلتحف الرداء الأوربي . والعامل الثاني ، هو إسثتمار حفتر في إبعاد مصر عن لعب أي دور ، وهذا يبدو واضحا من إستدعاء حفتر لروما بالتزامن مع التصعيد الإيطالي ضد مصر بإثارة قضية مقتل الباحث جوليو رجيني في القاهرة عام 2016 ، وإعلان رئيس النواب الايطالي  قبل أيام تعليق العلاقات الدبلوماسية مع البرلمان المصري .. ولقائه والدي القتيل بمقر المجلس في روما ، وعقد مؤتمر صحفى لعائلة القتيل في روما اليوم وأتهامهم لعشرين ضابط أمن مصري بقتله .. ( والذي قد يتحول لخاشقجي أخر إذا لم تنصاع مصر للمخطط الإيطالي ) ..

والعامل الثالث ، هو تضييق المساحة على اللاعب الروسي الذي أبدى إهتمامه مؤخرا بالملف الليبي ، وتسريبه بوجود إتصالات مع سيف الإسلام القذافي ، وحديث لافروف في روما عقب مؤتمر باليرمو بلغة شديدة اللهجة على تحميل الغرب والناتو أسباب الأزمة وأنحيازهم لطرف محدد ، وإستقبال موسكو لوفد يحمل رسالة من سيف الإسلام ، والتي وضعت موسكو في موقع متقدم يثير مخاوف اللاعب الغربي الذي أستدعى على الفور مشير الرجمة لروما ..

وفي زاوية أخرى تبين أهمية المنطقة الحيوية للمصالح الأمريكية لما تملكه من موارد وموقع هام وساحل يقابل أوروبا وبواية لأفريقيا الغنية ، سرب موقع ( ذا إنترسبت ) الأميركي إنتشار القواعد السرية الأمريكية في أفريقيا ومنها ليبيا وجوارها ، حيث أوضحت أن الأفريكوم تملك 5 قواعد في النيجر وقاعدة للطائرة بدون طيار في تونس وثلاث مواقع في ليبيا ، وأن هذه القواعد تسيطر على منطقة الساحل ، ومنها قامت بعدة ضربات في الجنوب الليبي .. وهي تأتي لتقليص الدور الفرنسي الذي يحتفظ بقوات في مستعمراته القديمة ، وأنشأ جيش G5 في الساحل الأفريقي بدعم أماراتي سعودي ، ويزداد التضييق على فرنسا بإستقطاب دول الساحل نحو تل أبيب ، وزيارة ديبي تشاد التي ستتبعها مالي والنيجر والسودان .

قائد حلف الناتو هو الأخر يلتقي طرف الصراع الأخر السراج لمناقشة التطورات السياسية ويعلن عن مساعدته في بناء المؤسسة العسكرية والأمنية والتنسيق في إطار ماسمي مكافحة الإرهاب .. ويأتي هذا في تأكيد ولاء طرفي الصراع الفبرايري للاعب الغربي ..

في ظل هذه السيطرة الكاملة الأمريكية وذراعها الإيطالي وأدواتها المحلية التي تمتد من مليشيات طرابلس حتى قيادة الكرامة بالرجمة ، يبدو واضحا دخول الأزمة الليبية مرحلة جديدة أكثر خطورة بعكس مايسوق مبعوث الأمم المتحدة والإعلام عن خرائط الحل السياسي التي يبدو الرهان عليها مجرد أحلام ، يمكن أن تنقلب إلى كوابيس في أي لحظة يشعر فيها اللاعب الغربي ببعض التوجس .. وقد يعيد الأزمة للمربع الأول ، خاصة وهو يملك أوراق اللعبة القادرة على إشعال الفوضى ، من جماعات الإرهاب ومليشيات الإجرام حتى كتائب الكرامة ... 

upload.jpg