الساعة 24 - ليبيا—- نقلا عن
أوغلو: التحقيقات التركية قد تكشف تورط شخصيات سياسية ليبية في غسل الأموال.
كشف الخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية، مهند أوغلو، عن تفاصيل مهمة تتعلق بالإجراءات التي اتخذتها السلطات التركية مؤخرًا ضد عدد من المكاتب والعقارات المملوكة لأجانب، من بينهم ليبيون، في مدينة إسطنبول، والتي شملت إغلاق هذه المكاتب ومصادرة الحسابات المرتبطة بها.
وقال أوغلو، في تصريحات لقناة الوسط ، رصدتها صحيفة الساعة24، إن السلطات التركية لم تُفصح بشفافية كاملة عن جنسيات المتورطين، إلاّ أن مصادر مطلعة أكدت وجود ليبيين ضمن المتأثرين بهذه الإجراءات.
ولفت إلى أن الخطوات القادمة ستتضمن تحقيقات موسعة، تمهيدًا لإحالة الملفات إلى محاكم الأمن الاقتصادي، خاصة وأن القضية باتت تمثل تهديدًا واضحًا لأمن الدولة، ليس فقط في تركيا، بل أيضًا في ليبيا.
وأشار إلى أن المبلغ المتداول في هذه القضايا قد يصل إلى مليارين ونصف المليار دولار، مؤكدًا أن الخطر لا يكمن في حجم الأموال فقط، بل في احتمال ارتباط هذه الشبكات المالية والعصابات بجهات سياسية ليبية نافذة، وهو ما قد يُحدث زلزالاً سياسياً ، على حد وصفه، في حال تم الكشف عن تورط شخصيات معروفة أو أجسام رسمية.
وأضاف أن التحركات المالية الكبيرة لا يمكن أن تتم دون غطاء سياسي أو ارتباط غير مباشر بجهات تستفيد من نفوذها لحماية هذه الشبكات، سواء داخل تركيا أو في ليبيا، مشيرًا إلى أن الخيط الرفيع الذي يربط هذه الشبكات ببعض الأجسام السياسية قد يتم كشفه مع تقدم التحقيقات.
وبيّن أن التحقيقات التركية قد تطال مدنًا ودولًا أخرى، عربية وغير عربية، بسبب امتداد هذه الشبكات خارج تركيا، ما يجعل القضية معقدة ومتعددة الأطراف، ومن المتوقع أن تستغرق وقتًا طويلًا حتى تتضح جميع معالمها.
وشدد على أن غياب الدولة المركزية الواحدة في ليبيا هو السبب الرئيس في تفشي هذه الظواهر، ما أتاح الفرصة أمام جهات وشركات وحتى شخصيات سياسية لاستغلال هشاشة الوضع الاقتصادي الليبي، وتحقيق مكاسب طائلة على حساب الشعب، خاصة الفئات الفقيرة.
وأكد أن هذه المرحلة تعتبر خطيرة ، داعيًا إلى ضرورة معالجة الخلل السياسي والاقتصادي في ليبيا كخطوة أساسية لوقف نزيف الأموال ومحاصرة الفساد، الذي بات يهدد الأمن القومي في أكثر من دولة، وليس ليبيا وحدها.
وحذر من تداعيات اقتصادية سلبية محتملة على العلاقات بين تركيا وليبيا، وذلك على خلفية التحقيقات الجارية في قضايا غسيل الأموال، ومصادرة ممتلكات وشبكات مالية يُعتقد أن بعضها مرتبط برجال أعمال ليبيين.
وأكد أن هذه القضية ستفرض قيودًا إضافية وتعقيدات بيروقراطية جديدة على التحويلات المالية والتعاملات الاقتصادية بين البلدين، مشيرًا إلى أن المخاوف الأمنية من وجود روابط بين شبكات المال غير الشرعي وجهات ليبية دفعت أنقرة إلى مراقبة صارمة للأنشطة المالية، خاصة تلك التي تحاول التهرب من نظام SWIFT العالمي.
وأوضح أن النظام المالي التركي بات أكثر حذرًا، وأن أي معاملات مشبوهة أو غير شفافة قد تؤدي إلى إبطاء أو حتى تعطيل التعاون التجاري بين البلدين، ما يؤثر سلبًا على الإنتاج والتوزيع ووصول السلع إلى الأسواق، سواء على مستوى تجارة الجملة أو حتى على مستوى المستهلك الفردي.
وأشار إلى أن ليبيا وتركيا وقعتا في السنوات الأخيرة العديد من الاتفاقيات التجارية، خصوصًا في مجالات الطاقة، البناء، والاستيراد، لكن الوضع الراهن سيؤدي إلى إعادة تقييم تلك الاتفاقيات وربما تأجيل تنفيذها أو تعطيل بعض بنودها، نتيجة تشديد الإجراءات الرقابية.
كما شدد على أن التأثير لن يقتصر على الحكومات أو المؤسسات الرسمية، بل سيطال كذلك المواطنين العاديين، الذين قد يواجهون صعوبات متزايدة في التعاملات المالية، بما في ذلك التحويلات، فتح الحسابات، أو استيراد البضائع من تركيا.
وأضاف أن هذه القضايا ستفتح ملفات تعاون قضائي بين النائب العام التركي ونظيره الليبي، إلى جانب احتمال دخول أطراف دولية على الخط، ما قد يطيل أمد التحقيقات، ويُدخل العلاقات الاقتصادية الثنائية في مرحلة جمود وتوتر.
وربط أوغلو بين الوضع الأمني والاقتصادي، معتبرًا أن أي اضطراب في أحدهما سينعكس فورًا على الآخر، لاسيما وأن من يقف خلف هذه الشبكات المالية الضخمة قد يكون مدعومًا من شخصيات أو كيانات نافذة، وهو ما يستدعي، بحسب قوله، إعادة النظر في بنية العلاقة الاقتصادية بين البلدين لضمان الشفافية والأمن والاستقرار.
