ابن القذّافي ولغز الـ 11 مليون دولار!


علي شندب

.

اختراق كبير، أو ثغرة هامة، حدثت بملف هانيبال القذّافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمّر القذّافي.

ويمكن القول أن الجدار الصلب الذي كان يلفّ التعاطي بملف توقيف هانيبال القذافي على خلفية ملف السيد موسى الصدر ورفيقيه في بيروت أخذ بالتداعي.

وكلنا يعلم أنّ عملية اختطاف القذّافي من دمشق الى البقاع حيث حرّره القيادي السابق في حركة أمل عقل حمية من خاطفيه بقيادة النائب السابق حسن يعقوب (نجل الشيخ محمد يعقوب المفقود مع الإمام الصدر)، حيث قام المرحوم عقل حمية بتسليم نجل القذّافي الى الأجهزة الأمنية اللبنانية.

ظاهرياً، عملية اختطاف هانيبال القذافي، هي بهدف الضغط لمعرفة مصير والده الشيخ محمد يعقوب المفقود مع الامام الصدر والصحافي عباس بدر الدين.

أمّا باطنياً، فالعملية جحّظت حجم المزايدات السياسية داخل أركان الطائفة الشيعية، وعمّن يكون صاحب السبق والفضل والإنجاز في جلاء المصير، وخصوصاً بين حسن يعقوب وبين الرئيس نبيه بري، الذي لم يستطع أن يحرّك ساكناً بملف الصدر، برأي يعقوب.

كما أنّ فعلة حسن يعقوب باختطاف هانيبال القذافي وتوقيفه 10 سنوات لم تحرّك ساكناً أيضاً، برأي نبيه بري. اضافة الى أنّه من الأسباب العميقة أيضاً، لقيام عقل حمية بتحرير ابن القذّافي، يعود الى تفرّد حسن يعقوب بالعملية بعيداً عن حليفه الوطيد عقل حمية.

ومع التحوّلات التي عصفت بلبنان نتيجة العدوان الاسرائيلي، وخروج بعض "العملاء لاسرائيل" من السجون اللبنانية وغيرها من الأمور التي أضعفت نسبياً القبضة الشيعية على مفاصل الدولة اللبنانية، توازياً مع ارتفاع الأصوات الداعية للإفراج عن هانيبال القذافي وخصوصاً صوت العشائر العربية في لبنان التي أسمعت موقفها الحاسم لرئيس الحكومة نواف سلام والمطالبة بسرعة الافراج عن هانيبال القذّافي، يعود الى حفظ العشائر العربية ووفاءها لليبيا القذّافية التي وقفت الى جانب عروبة لبنان، أثناء المحن التي عصفت بلبنان، وقد شكّل موقف العشائر العربية نقطة تحول سياسي ضاغط في مسار توقيف ابن القذافي.

هذه المواقف المعطوفة على أصوات في الحكومة اللبنانية وخصوصا وزير العدل المختص بقضية القذافي، اضافة لمواقف عدد من جمعيات حقوق الانسان العربية والأجنبية في جنيف وغيرها، فضلاً عن تدخلات عربية وأجنبية وبينها روسيا.. كلها عناصر تضافرت لبدء حلحلة قضية توقيف ابن القذّافي التي استنفذت كل مزايداتها واستغلالها السياسي بين الأطراف الشيعية اللبنانية، لا بل انها تحولت عبئاً عليهم، دون تحقيق أي نتيجة بملف الصدر.

اللغز المحيّر في قرار الإفراج عن هانيبال القذّافي المرهون بدفع كفالة مالية باهظة، يتجلّى بمعرفة المعايير التي استند اليها قاضي التحقيق العدلي زاهر حماده في "تسعيرته" التي لاقت استنكاراً واستهجاناً واسعاً من قبل قانونيين وناشطين على مواقع التواصل. وأغلب الظنّ أنّ "تسعيرة" الـ 11 مليون دولار التي حدّدها القاضي للإفراج عن ابن القذّافي، عبارة عن شفرة خاصة لا يملك مفاتيحها سوى الرئيس نبيه بري.

بهذا المعنى فتسعيرة الـ 11 مليون دولار، تشكّل اللغز الذي لا تفكّ حبكاته وشيفراته في أروقة قصر العدل، بل يمكن اعتبارها بمثابة دعوة لاستئناف التفاوض غير الرسمي، توصلاً الى مقاربات جديدة في مثل هذا الملف الحسّاس.

وبغض النظر عن الطعن الرسمي بقرار المحقق العدلي بهدف إلغاء الكفالة أو تخفيضها، فإنّ قطار الإفراج عن ابن القذّافي قد انطلق، وأغلب الظنّ أن أحد وظائف الكفالة الباهظة الثمن، هي تحضير الرأي العام الشيعي للافراج المتدرّج عن ابن القذّافي بعدما تبيّن أنّ توقيفه المستطال، أضرّ بموقف بعض الأطراف الشيعية اللبنانية، أكثر ممّا أفادها.

ومن الأضرار غير الجانبية لهذا التوقيف المُستطال، أنّ العلاقة بين الرئيس السوري السابق بشّار الأسد والرئيس نبيه برّي قد ساءت وانقطعت بسبب اختطاف وتوقيف اللاجىء السياسي في سوريا، هانيبال القذافي من دمشق وعدم إعادته اليها.

وبديهي أن نبيه برّي الذي يجيد قراءة التحوّلات السياسية والأعاصير العاصفة وآخرها عدم قيام وزير خارجية سورية أسعد الشيباني بزيارته، جعل برّي يشعر بحجم ومرارة الخسارة المضاعفة التي مُنيت بها الأطراف السياسية الشيعية خاصة نتيجة سقوط نظام الأسد، ما جعل هامش المناورة يضيق أمامهم عربياً وعلى أكثر من صعيد.

رغمّ هذا، فالإفراج عن ابن القذّافي الذي انطلقت أولى عجلاته الجمعة، يرجّح أو ينبغي، أن يواكبه حوار بين أركان الطائفة الشيعية والدولة اللبنانية، مع قبيلة القذاذفة والقبائل الليبية والمهندس سيف الاسلام القذّافي وأركان دولة ليبيا. حوار غير خاضع لابتزاز سياسي شبيه بالابتزاز المالي بتسعيرة الـ 11 مليون دولار.

وربما من شأن هكذا حوار أن يدفع كافة الأطراف للنزول عن الشجرة والعمل الأخوي على معالجة ملف الامام الصدر ورفيقيه وطوي صفحة الآلام التي أصابت

لبنان وليبيا منذ 47 عاماً مضت ولم تزل.

https://alshamalnews.com/?p=208416