المسألة هي البحث ..
خرج سيدنا إبراهيم مع أبوه وكان وقت غروب الشمس فرأى الإبل والخيل والغنم فقال : لا بد لها من رب .. هنا بدأ التفكير والسؤال والبحث ..
( رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين )
( رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين )
( رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون )
رأي ببصره الكوكب والقمر والشمس .. وأدرك ببصيرته أن الأفول ليس لله .
أدرك سيدنا إبراهيم وهو في سن الخامسة عشر أن طريقة التفكير خاطئة لأنها أنحصرت في ( الحجم ) بإعتقاد أن المنظور الأكبر هو الله .. ومع الأفول كانت الأجابة أن الله ليس من الأفلين .. لذلك أنتقلت طريقة التفكير من ( الحجم ) إلى ( الخلق والقدرة والخلود ) ..
الحجم سيقودك من الكوكب الى القمر الى الشمس .. وربما من الجبل إلى الصحراء إلى البحر .. وتظل تبحث عن الأكبر دون أن تصل .. لهذا أنتقل التفكير إلى من خلق كل هذا أبل وكواكب وقمر وشمس وأرض وبحار وجبال وبشر .. هنا تصل الى معرفة الله ( الخالق ) ببصيرتك العميقة وليس ببصرك المحدود أمامك .
كذلك فعل سيدنا إبراهيم مع قومه ..
وجدهم يعبدون الأصنام التي لا تضر ولا تنفع .. دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له فلم يستجيبوا لدعوته ..
سألهم : ماذا تعبدون؟! فقالوا : ( نعبد أصناما فنظل لها عاكفين )
سألهم : هل يسمعونكم إذا دعوتموهم ، أو يبصرونكم ؟ فقالوا ( وجدنا آباءنا لها عابدين )
قال لهم إبراهيم ( لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين )
عندما لم يقنعهم الكلام .. قرر تغيير طريقة التفكير بإقامة الحجة ..
كان لهم عيد في كل عام ، يخرجون فيه من المدينة بعد أن يضعوا طعام كثير في بيت العبادة ، وبعد رجوعهم يذهبوا ليأكلوه .. طلبوا من سيدنا إبراهيم الخروج معهه فأمتنع بحجة أنه مريض ، وبعد خروجهم ذهب ليحطم تلك الأصنام ماعدا صنم كبير تركه .. وبعد رجوعهم ذهبوا لأصنامهم فوجدوها محطمة ..
تساءلوا : ( من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين )
فرد بعضهم ( سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم )
قالوا ( فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون )
وهذا ما أراده سيدنا ابراهيم أن تكون الحجة أمام كل الناس
سألوه ( أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم )
فقال: ( بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون )
هنا أجبرهم على تغيير طريقة التفكير .. لأنهم أمام بحث عن الجاني .. والصنم الذي يعبدون لن ينطق ولن يدلهم ..
( فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون )
فقال (أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون )
هذه قصة وردت كدرس وعبرة .. إذا عجزت عن الفهم .. إذا سدت أمامك المعرفة .. عليك إدراك أن طريقة التفكير خاطئة وعليك تغييرها .