القرآن الكريم يُحذِّر بشدة من كل ما يُفْسِد العلاقات بين الناس، ويُشير إلى خطورة بث الفرقة والكراهية بينهم، ويدعو إلى الوحدة والتآخي.
النهي عن التفرق والاختلاف:
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: 103).
تأمر هذه الآية بالتمسك بوحدة الأمة وعدم التفرقة، فالتفرق يُضعف المجتمع ويجعله عرضة للصراعات.
﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ (آل عمران: 105).
تُحذِّر من اتباع سبيل الذين تفرقوا بعد أن اتضحت لهم الحقائق، لأن التفرق يُبعد عن الحق.
. ذم بث الفرقة والفتنة:
﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ (الأنعام: 159).
تُشير إلى أن الذين يقسمون الدين إلى فِرَقٍ ومذاهب متصارعة ليسوا على هدى، وأن الله لا يرضى عن تشرذمهم.
وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ (الأعراف: 56).
الفساد هنا يشمل إثارة النزاعات والطائفية التي تُهدم استقرار المجتمع.
. التحذير من الكراهية والبغضاء:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ... وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ (الحجرات: 11).
النهي عن السخرية والتنابز بالألقاب، لأنها تُولِّد الكراهية وتُدمِّر الأخوة الإيمانية.
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ (المائدة: 91).
الشيطان .يسعى إلى زرع العداوة بين الناس، والقرآن يحث على مقاومة هذه الوساوس.
الدعوة إلى الوحدة والتسامح:
﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء: 92).
الإسلام يدعو إلى وحدة الأمة تحت مظلة التوحيد، ويرفض التقسيمات العرقية أو المذهبية.
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: 2).
التعاون على الخير يُقوِّي المجتمع، بينما التعاون على الإثم (كالطائفية) يُهدمه.
عقوبة من يزرع الفتنة:
﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾ (البقرة: 191).
الفتنة (مثل إثارة الحقد بين الناس) أخطر من القتل؛ لأنها تُدمِّر القلوب قبل الأجساد.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (النور: 19).
من يسعى لنشر الفتنة والفرقة سيُعاقب عقابًا شديدًا.
الخلاصة:
القرآن يُعرِّف المؤمنين بأنهم "إخوة" (الحجرات: 10)، ويُحذِّر من كل ما يُضعف هذه الأخوة، سواء بالطائفية أو الحقد. زرع الفرقة عملٌ مُحرَّمٌ لأنه يُفْسِد في الأرض، ويُعارض مقاصد الإسلام في العدل والرحمة والوحدة..