في قرية نائية وسط فيتنام، يعيش رجل يُحيّر الأطباء ويُربك قوانين الطبّ.
اسمه "تاي نغوك" (Thai Ngoc)، فلاح بسيط لا يملك من الدنيا سوى أرضه، وعائلته، وسرير لا يستعمله قط.
كل شيء كان طبيعيًّا في حياته، حتى ذلك اليوم من عام 1973، حين داهمته حمّى غامضة أبقته طريح الفراش لأيام. تعافى بعدها، لكنه خرج من المر*ض شخصًا جديدًا... أو بالأحرى، كائنًا بلا نوم!
منذ تلك الليلة، لم يعرف النعاس طريقًا إلى جفنيه. لم يغمض عينيه... لا غفوة، لا استراحة، لا تسليم للجسد أمام ثقل الليل. كانت أيامه مفتوحة على بعضها، ولياليه تمر عليه كما تمر على الحائط.
في البداية، ظنّ أنها نوبة أرق عابرة، لكن الليالي توالت، والأسابيع مضت، والعام صار عقدًا، ثم أربعة عقود... وما زال مستيقظًا!
الغريب أنه لم يبدُ عليه التعب، لا انه*يار عصبي، لا هلو*سات، لا تدهور جسدي كما يقول الطب. بل إنه كان يحرث الأرض، ويحمل أكياس الأرز الثقيلة، ويتسلّق التلال، ويضحك مع أحفاده...
سمع العالم بقصته، فجاءه الأطباء من فيتنام، ومن اليابان، ومن وسائل إعلام أمريكية. جلسوا أمامه ليالٍ طويلة، راقبوه، سجّلوا تنفّسه، دقّات قلبه، ملامح وجهه...
لكن لا شيء يدل على النوم!
لم يُغلق عينيه، لم يتثاءب، لم يتأوه، لم يغُب عن وعيه. جلس فقط على كرسي خشبي متهالك أمام كوخه، يحدّق في السماء… وكأنه يعدّ الوقت بدلًا من أن يعيشه.
بعض الأطباء افترضوا أن "مركز النوم" في دماغه تعرّض لتلف أثناء الحمى، لكنه لم يُد*مّر... بل أعاد تنظيم نفسه بطريقة غامضة لا يفهمها العلم حتى الآن!
بينما طرح آخرون احتمال أن "تاي نغوك" يدخل في نوبات نوم متناهية القِصر (micro-sleeps) لا يلاحظها، وربما لا يشعر بها، لكنها كافية لتُبقي دماغه على قيد الحياة.
لكن المفاجأة؟
أجهزة المراقبة البسيطة لم تُظهر حتى هذه اللمحات.
زوجته، وأولاده، وجيرانه يقولون بصوت واحد:
"لم نره نائمًا أبدًا… كل ليلة نجده ساهرًا وحده، يتأمل الظلام، يعدّ النجوم، ويهدهد صمت الليل بعينيه المفتوحتين."
حتى الصحفي الذي ذهب إلى هناك قال: "جلست أمامه ليلة كاملة… لم يغفُ. لم يغلق عينيه. لم يتململ. فقط جلس… وكأنه كائنٌ من زمنٍ آخر."
تخيل أن تمر عليك خمسون سنة دون حلم واحد؟
دون تلك اللحظات التي تسبح فيها في الخيال؟
أن تنام فقط كي تستريح من ثقل العالم، أن تتوسّد الذاكرة، وتختبئ داخل نفسك ساعة... لكنه لا يملك حتى ذلك.
هل هو رجل خارق؟
أم ضحية حالة عصبية لم تُكتشف بعد؟
هل تجاوز جسده قوانين الحياة؟ أم أنّه يحترق ببطء دون أن يشعر؟
حتى اليوم، لا توجد إجابة.
كل ما نعرفه أن "تاي نغوك" ما زال هناك…
يسهر، يعدّ الوقت، ويُراقبنا ونحن ننام.