درس من التاريخ ....

كيانات زائلة لا محالة … !!!

منقول …

في منتصف الستينات من القرن الماضي كانت القارة الافريقية تناضل من اجل الحصول على استقلال شعوبها …وكانت معظم الدول الاستعمارية قد قاومت بشراسة هذه التوجهات … فدفعت بتعزيزات عسكرية واستخدمت اسلحة الطيران والمدفعية …واستغلت الاختلافات الاثنية والقبية لصنع اجسام سياسية تابعة لها … واستخدمت كل الاساليب القمعية من سجون واعتقالات عشوائية وتعذيب وحروب نفسية …لكنها في نهاية المطاف ادركت انه لا مناص من منح هذه الشعوب حق تقرير المصير والاستقلال…

بدأت سلسلة من المفاوضات والمباحثات من اجل الوصول الى اتفاقيات مع القوة المقاومة ومن اجل ضمان اكبر قدر من مصالح الدول الاستعمارية بعد استقلال الشعوب التي في اغلبها لم تكن تملك المعرفة والموارد البشرية والمالية لإدارة دولة … واغلب قادتها لم يكن يرى ابعد من الحصول على علم ونشيد وكرسي بالامم المتحدة.

في مثل هذه الخلفية كانت تجري قصة مختلفة تماماعن معظم اجزاء القارة … ففي بلد اسمه روديسيا (سميت على اسم سيسيل رودس، مؤسس شركة "بريتش ساوث إفريكا كومباني)… وهي مستعمرة بريطانية يقطن بها 5% من البيض و95% من السود… كانت السلطة والمؤسسات المالية والسياسية والاراض الخصبة كلها بيد الأقلية العنصرية البيضاء … ولم يكن بيد السود شيئا من ذلك. وكان من الطبيعي ان يهب السود للمطالبة بالاستقلال… وكانت بريطانيا تعمل على إيجاد صيغة تمنح بها السود بعض الحقوق مع بقاء الاقلية البيضاء في المناصب الهامة والسيادية في البلاد …

لكن الحكومة التي اسسها البيض وترأسها العنصري إيان سميث رفضت كل محاول لمنح السود أي حقوق سياسية…بل رفضت الاقتراحات البريطانية واعلنت الاستقلال من جانب واحد …واعلنت سلسلة من اجراءات الفصل العنصري لتجذير هيمنة البيض ولحرمان السود من أي مكاسب مستقبلية. كان ذلك في عام 1965

ادت هذه الاجراءات الى قيام السود بتبني الكفاح المسلح والى قيام منظمتين احداهما بقيادة جوشوا نكومو … والأخرى بقيادة روبرت موغابي… شنت المنظمتان حرب عصابات … التي واجهها الحكم العنصري بكل اشكال التعسف والقهر … ورغم الكلفة العالية فقد استطاع السود عبر نضالات وتضحيات ان يجعلوا كلفة البقاء في الحكم باهضة بالنسبة للبيض … وفي أوائل السبعينيات تنامى الكفاح المسلح واصبح واضحا عجز حكومة البيض عن اخماده ولم يعد امامها سوى اللجوء الى اقسى درجات العنف …ولم يفلح ذلك ايضا … فاضطر البيض الى التفاوض مع الثوار وفي عام 1979تم توقيع معاهدة بين الطرفين تنازل فيها البيض عن الحكم … وفي العام الذي يليه تم اجراء انتخابات فاز فيها روبرت موجابي … وتغير اسم البلاد من روديسيا الى زيمبابوي.

الخلاصة … ان العنصرية والتطرف والعنف لم ولن يقفا امام نيل الشعوب لحقها في تقرير مصيرها … وان النهاية الطبيعية لكل كيانات العنصرية والعنف والقهر … هو الفناء.

لماذا تذكرت روديسيا وايان سميث… تذكرتها وانا اتابع الكيان إياه … !!!