يوسف توقيمي: تشكل الفاعل السياسي بين القضاء والدولة والتمرد في شمال تشاد

منقول —-

يمثل يوسف توقيمي إحدى الحالات التي تساعد على فهم طريقة تشكل الفاعلين السياسيين في تشاد خلال مرحلة مفصلية من تاريخ البلاد، حيث كانت المؤسسات الوطنية في طور إعادة البناء، وكانت المناطق الطرفية تمر بتحولات اجتماعية واقتصادية عميقة. لا يتعلق الأمر بسيرة فردية معزولة، بل بمسار يعكس طبيعة المرحلة بأكثر مما يعكس موقفا من الدولة أو من الأطراف المختلفة.

ولد توقيمي سنة 1953 في زوار بتيبستي، في محيط اجتماعي يتميز بتركيبته الخاصة وببنية اقتصادية تعتمد على التنقل والموارد المحلية. وقد أتاح له انتقاله المبكر إلى التعليم النظامي الاندماج في مسار تعليمي متقدم في زمن لم تكن فيه فرص التعليم متاحة للجميع بالقدر نفسه. درس في ثانوية أبشه، ثم واصل تكوينه في المدرسة الوطنية للإدارة وجامعة تشاد، قبل أن ينتقل إلى فرنسا حيث درس في جامعة ريمس وتخصص في القانون الخاص، ثم التحق بالمدرسة الوطنية للقضاء في باريس (ENM)، وهي من أهم مؤسسات التكوين القضائي في أوروبا. هذا المسار الأكاديمي جعله من أوائل الأطر القانونية المنتمية إلى شمال تشاد.

بعد عودته إلى البلاد، التحق بالسلك القضائي، حيث عمل قاضيا ثم وكيلا للجمهورية. ومع إعادة تنظيم المؤسسات في بداية التسعينيات، شغل مناصب حكومية مهمة، من بينها وزارة العدل والدفاع والداخلية. وقد وضعته هذه المناصب في قلب عملية إعادة ترتيب الهياكل الإدارية للدولة في مرحلة تشهد تحولات سياسية واسعة على مستوى المنطقة ككل.

ابتداء من منتصف التسعينيات، ظهرت في شمال البلاد ديناميكيات اجتماعية وسياسية ارتبطت بتحولات اقتصادية وتغير أنماط الحركة عبر الحدود. وفي هذا السياق، برزت أسئلة حول تمثيل هذه المناطق في السياسات الوطنية. وقد شكلت هذه الأسئلة الخلفية التي فسرت خروجه من الجهاز التنفيذي سنة 1998 وتأسيسه للحركة من أجل الديمقراطية والعدالة في تشاد MDJT من جبال تيبستي، في محاولة لإعادة صياغة موقع الهامش في العملية السياسية الوطنية.

قدمت الحركة خطابا يربط بين المطالب الوطنية العامة والتحولات الاجتماعية في الشمال. ومن منظور التحليل السياسي، يمكن اعتبارها إحدى الصيغ التي عبر من خلالها المجتمع المحلي في تلك المرحلة عن موقعه في المشهد الوطني، ضمن سياق تتداخل فيه العوامل التنموية والأمنية والإقليمية. وقد اعتمدت الحركة على طبيعة تيبستي الجبلية في إدارة حرب استنزاف طويلة، بينما حرص توقيمي على إضفاء بعد سياسي واضح على نشاطها بالنظر إلى تكوينه القانوني والإداري.

في مطلع الألفية، دخلت الحركة مسار مفاوضات بوساطة إقليمية، وهو ما عكس توجها عاما نحو تحويل الصراع من المواجهة المسلحة إلى قنوات سياسية. غير أن تقديرات الأطراف داخل الحركة بشأن ظروف التسوية تباينت، ما أدى إلى انقسام داخلي طبيعي في مثل هذه السياقات.

في أغسطس 2002، أصيب توقيمي بانفجار لغم في منطقة العمليات ونقل إلى ليبيا حيث توفي في سبتمبر من العام نفسه. ورغم الإعلان الرسمي عن الوفاة، لم يكشف عن مكان دفنه في أي وثيقة حكومية أو أمنية، وهو ما يرتبط عادة بحساسية الظرف الأمني والسياسي الذي رافق رحيله.

تكشف قراءة مساره عن طبيعة التحولات التي عرفتها تشاد خلال نهايات القرن العشرين، وعن الأنماط التي أنتجت فاعلين سياسيين يتحركون بين المؤسسات الرسمية والعمل المسلح تبعا للسياقات ولما هو متاح من أدوات المشاركة في كل مرحلة.

---------------------------------------------------------------------------

الخط الزمني لمسيرته

1953: الميلاد في زوار، تيبستي.

الستينيات-السبعينيات: التعليم الثانوي والتكوين في المدرسة الوطنية للادارة والقضاء وجامعة تشاد.

السبعينيات-الثمانينيات: الدراسة في جامعة ريمس ثم المدرسة الوطنية للقضاء في باريس.

1983- 1984: قاض ثم وكيل للجمهورية.

1990–1993: وزير العدل.

منتصف التسعينيات: وزير الدفاع ثم وزير الداخلية.

1998: تأسيس الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة في تشاد MDJT.

1998- 2001: توسع نشاط الحركة في تيبستي.

2002: مفاوضات إقليمية وانقسام داخلي.

29 أغسطس 2002: إصابته بلغم.

24 سبتمبر 2002: وفاته في طرابلس (مكان الدفن غير معلن).