– ما تزال قضية حرمان المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي من حقوق أبنائها المشروعة أحد أبرز ملفات التمييز التشريعي في البلاد، رغم تعاقب الحكومات وتزايد المطالبات بإصلاح قانون الجنسية رقم 24 لسنة 2010.
وبينما تعاني النساء الليبيات المتزوجات من أجانب عمومًا من هذا القيد قانونيًا واجتماعيًا، تواجه المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي والمصابة بإعاقات بصرية أو جسدية تحديات إضافية كونها غير قادرة على السعي والمطالبة بحقوق أطفالها التي تحصل عليها أبناء الرجل الليبي المتزوج من اجنبية.
وتعود الإشكالية للإطار العام لمواد قانون الجنسية؛ إذ تنص المادة (3) صراحةً على أن أبناء الليبي يُعدّون ليبيين، فيما تمنح المادة (11) أبناء الليبية المتزوجة من أجنبي حقًا مشروطًا بصيغة «يجوز»، وهي صيغة تضع حق الطفل في الانتماء والهوية رهنًا بالضوابط والتنظيمات التنفيذية الأمر الذي جعل آلاف الليبيات المتزوجات من أجانب في حالة معلّقة، وحرم أطفالهن من الحصول على هوية وطنية كاملة.
وفي الوقت الذي يواجه فيه هذا الحاجز القانوني عموم النساء الليبيات المتزوجات من أجانب، يبقى أثره أكثر قسوة على المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي وتعاني من أمراض مزمنة أو إعاقات بصرية وجسدية.
ففضلاً على المعاناة الاجتماعية التي تواجهها بشكل شبه متواصل والتي من بينها التنمر الاجتماعي الذي يطال أطفالها وعدم اعتراف الدولة بأبنائها لمجرد أن أبيهم غير ليبي، فتجد نفسها غير قادرة عن الدفاع عن حقوق أبنائها المشروعة التي تحصل عليها الرجل الليبي المتزوج من أجنبية.
وقال الباحث الأكاديمي والناشط الحقوقي سامي التركاوي في تصريح لوكالة الانباء الليبية أن استمرار التعامل مع المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي كاستثناء، ومع الرجل كأصل في منح الجنسية، يتعارض مع التزامات ليبيا الدولية، خاصة اتفاقية سيداو واتفاقية حقوق الطفل، فضلًا عن الاتجاه الإقليمي الذي حسمت فيه دول مثل تونس ومصر والمغرب هذا الملف منذ سنوات.
ويؤكد مختصون أن إصلاح هذا التشريع لم يعد مطلبًا حقوقيًا فقط، بل ضرورة لبناء مجتمع متماسك يساوي بين مواطنيه، ويوفر حماية قانونية للأطفال، ويعترف بأبناء الليبيات المتزوجات بأجانب ويعطيهم حق المواطنة الكاملة أسوة بأبناء الرجل الليبي المتزوج من أجنبية.
وبين الالتزام الدولي والواقع المحلي، تبقى القضية معلّقة بانتظار إرادة تشريعية تنهي هذا التمييز، وتمنح الليبيات المتزوجات من أجانب حقوق أطفالهن الطبيعية في أن يكونوا أبناء الوطن.
