ماذا حصل في الفاشر في السودان؟

امرأة سودانية، ملقاة في العراء، رأسها مكشوف، وذراعها عارية، رغم أنها محجبة. لم تُكشف هكذا صدفة. من التقط الصورة هو من نزع عنها حجابها، وهو نفسه من أجهز عليها. لم تكن امرأة عادية. كانت رمزًا. كانت "سهام حسن"، أصغر نائبة في تاريخ البرلمان السوداني. لم يشفع لها تاريخها، ولا مكانتها، ولا صوتها الذي طالما دافع عن المظلومين. حين اجتاحت عصابات الدddعم السريع مدينة الفاشر، كانت أول من تمت تصfفيته.

فإن كان هذا مصير من يعرفها العالم، فكيف هو حال من لا يعرفهم أحد؟ كم من فتاة وامرأة تُسحق في الظل، دون عدسة، دون اسم، دون صوت؟

لكن لا تتخيل. دعني أقرّب لك الصورة.

في إبريل الماضي، في مخيم "زمزم" قرب الفاشر، دخلت عصابات الدddعم السريع. ما حدث هناك لا يقل بشاعة عن صبرا وشاتيلا. بل ربما فاقها. أكثر من 200 فتاة تم اغتtصابهن، عشرات اختُطفن إلى نيالا، خمسون فتاة نُقلن على ظهر شاحنة ولم يُعثر لهن على أثر حتى اليوم.

فاطمة بخيت، امرأة حامل، فقدت زوجها واثنين من أولادها. جمعت أشلاء ابنها بيديها. ومنذ تلك اللحظة، لم تعد تشعر بشيء. لا ألم، لا جوع، لا حياة. رأت بعينها أطفالًا يختبئون في مدرسة لتحفيظ القرآن، مدرسة الشيخ فرح. رأت كيف اقتادتهم العصابات، خمسة عشر طفلًا من حفظة كتاب الله، وأعدمتهم واحدًا تلو الآخر.

حليمة، أم لأربع أطفال. ثلاث بنات وولد. جمعوهم أمامها. قتلوا الولد، ثم بدأوا في اغتصاب البنات الثلاث أمام عينيها. أمام أمهم. أمام قلبها المكسور.

أما هنادي داوود، الطبيبة الشابة، فحين رأت ما ينتظرها، صرخت في زميلاتها: "لنغادر الدنيا بشرف". أمسكت سكينًا من المطبخ، ووقفت تواجههم وحدها. أطلقوا عليها الرصاص حتى سقطت. ش8هيدة. حرة.

في ثلاثة أيام فقط، سقط أكثر من 1500 ضحية في مخيم زمزم، معظمهم من النساء والأطفال. هذا ليس كلامي. بل هو ما وثقته صحيفة الغارديان البريطانية في تحقيقها المؤلم عن واحدة من أبشع مجاzزر الحرب السودانية.

---

هل عرفت الآن لماذا لا يمكننا الصمت؟

بينما نحن نعيش في أمان، هناك أمهات كأمهاتنا، وأخوات كأخواتنا، وأطفال كأطفالنا، يُساقون إلى الجحيم على يد عصاbبات لا تعرف للرحمة طريقًا. عصاbبات ممولة من دويلة لا تعرف إلا النفط والدmم. دويلة اشترت صمت العالم، وموّلت الرعب، ورفعت البنيان على جماجم الأبرياء.

ما حدث في زمزم يتكرر الآن في الفاشر. البداية كانت بتصfفية الجنود، ثم النائبة سهام حسن، ولن يتوقفوا عند أحد. لا شيخ، لا طفل، لا فتاة.

ولأن العالم صامت، لم يبقَ للسودان صوت... إلا صوتنا.

ولهذا، حين يُسأل أحدنا: لماذا الغضب؟ لماذا الكراهية؟ فليُجب: لأنهم صنعوا من عظاmمنا عروشًا، ومن دdمائنا وقودًا، ولن يُمحى هذا العار إلا بثأرٍ يليق بحجم الجريمة.