الدرس الذي عانى منه العرب ولم يفهموه :

لم يكن هنري كيسنجر، عرّاب الدبلوماسية الأمريكية، يمزح حين قال عبارته الشهيرة: «أن تكون عدوًا لأمريكا أمر خطير، وأن تكون صديقًا لها أمر قاتل».

كان ببساطة يكتب الوصفة السرية للبيت الأبيض: لا أصدقاء إلا بمقدار الفاتورة، ولا مبادئ إلا بقدر ما تخدم القوة.

هذه الحقيقة تجلت في الظاهرة «الترامبية» وما تلاها من سقوط لكافة الأقنعة، حيث ترامب، وعبر مبعوثه إلى الشرق الأوسط "توم باراك"، لم يعد حتى يتكلف عناء التجميل، بعد أن أظهر وجه وسوط «راعي البقر» الحقيقي في حلبة الشرق الأوسط، كمزاد لا كخريطة دول، باراك قالها بصفاقة: «السلام هنا وهم؛ من يملك القوة يحصد الغنيمة، والحدود مجرد خطوط بالطبشور تمحوها أطماع ورغبات نتنيا/هو ولا تلزم واشنطن».

والأطرف من ذلك، اعتراف رجل ترامب، أن أمريكا لم تعد بحاجة إلى نفط الخليج، وأنه حتى «إخرائيل » مجرد شريك مصالح موسمي، وأن من يراهن على حماية دائمة من واشنطن كمن يشتري السراب.

الساخر أن لسان ترامب ورجله بمزارع طويل العمر، وحين سُئل عن احتمال انزلاق الخليج نحو الصين في تحالفات استراتيجية، ابتسم ابتسامة صاحب المزرعة وهو يراقب قطيعه قائلاً: «سيقولون ذلك، لكنهم لن يفعلوه أبدًا».

هكذا تصدق نبوءة كيسنجر: صداقة أمريكا ليست امتيازًا بل لعنة، والعرب يدفعون ثمن وهم الصداقة بين الفريسة والصياد..

ومجمل القول: لم ينل الأعراب من أمريكا لا شرف عداوتها ولا ثمن صداقتها. وها هو ترامب ومبعوثه يضعان النقاط على الحروف: «نحن لا نحتاجكم ولا نفطكم»… فلتُرفع القبعات للوهم الكبير، ومع القبعات درس كسينجر الخالد، والذي قرأه العرب ولم يفهموه:

To be America's enemy is dangerous; to be America's friend is "fatal