تونس الوعي قبل الثورة …مقال جدير بالقراءة؟

الوعي قبل الثورة ..

خلال عشر سنوات جاءت 15 حكومة من مختلف التيارات ، بشعارات الثورة والديمقراطية والحريات والعدالة .. والنتيجة كارثية قادت تونس من سيئ لأسوء ، فقد انكمش الاقتصاد بنحو 9 % خلال العام الماضي ، وارتفاع معدل البطالة إلى 18% ، وبين الشباب إلى أكثر من 30 % .

وفق القناة الألمانية ( تضخم جبل الديون إلى حد أن تونس لا تستطيع دفع الأقساط والفوائد دون الحصول على قروض جديدة من صندوق النقد الدولي . ويتعين على البلاد هذه السنة تسديد ما يزيد على 4.5 مليار دولار لخدمة الديون والحصول على نحو 6 مليارات دولار أخرى لتمويل الموازنة وسد العجز فيها. وقد وصل الدين الخارجي إلى نحو 30 مليار يورو أي ما يزيد على 100% من الناتج المحلي الإجمالي في وقت تُقدر فيه نشرة الغرف الاقتصادية النمساوية احتياطات البلاد بنحو 7 مليارات يورو فقط ) .

البنك الدولي يشترط على تونس مقابل القروض تقليص دعم السلع الأساسية ، وتخفيض الإنفاق على الأجور في القطاع الحكومي ، وخصخصة مؤسسات القطاع العام .. هو ما يجعل تونس في كارثة .

عجزت الحكومات والنخب المتعاقبة عن تحقيق أي أنجاز ، وأكتفت بالتغني بشعارات الثورة وبيع وعود السراب .. وظل الصراع محتدم بين لوبيات وأحزاب ممولة من الخارج .. معظمها متورطة في الفساد أو لديها مشروع خارجي أو لم تستوعب عمق وأسباب الأزمة وسبل معالجتها .

حصر الأزمة في الأخوان هو خطأ فادح ، لأنه يخدم لوبيات ليبرالية فاسدة ومأجورة ، وحصر الصراع بين أدوات تخدم مشاريع خارجية ، ويشبه الصراع في لبنان والعراق وليبيا ، أي أن الأزمة تراوح مكانها .. فالذي دمر تونس وفتح أبوابها للهيمنة الخارجية الكاملة هو تيار الأخواني الغنوشي المتحالف مع تيار الباجي السبسي الذي فتح باب التدخل العسكري الفرنسي والقطري الأرهابي لتونس وليبيا ، وتحالف مع رأس المال الذي غلغل الفساد ، وسعيه لجعل تونس عضو غير أساسي في حلف الناتو وفتح قاعدة للطائرة بدون طيار ، ومخلفات التيار البورقيبي الذي قاد حملة تغريب تونس الثقافي وربطها بعربة الفرنكفونية .. علما أن قيس لايختلف كثيرا ، فهو رفض وصف فرنسا بالمحتلة لتونس ، ويسعى لإستضافة القمة الفرنكفونية في جربة .

هذا لا يلغي عقم المشروع الأخواني ومشاريعه التخريبية والأرهابية التي جعلت تونس بؤرة تفريخ أرهاب ، وربطت تونس بأسطنبول المأزومة . وتاجر بالدين بمال قطري ودعم تركي للسيطرة على مفاصل الدولة .

من الأنتخابات وتمويل الأحزاب مرورا بإدارة الإقتصاد حتى التشريعات التي تبدأ من رفض تجريم التطبيع وتنتهي بمساواة الميراث وترسيخ الفرنكفونية ، كله بإيعازات خارجية عبر أدوات محلية أسلاموية وليبرالية ، لجعل تونس ضمن الفلك الغربي .. وبالتالي حصر الأزمة في الأخوان فقط هو غباء وضيق أفق .

الحل ينطلق من تأصيل الأزمة ، فالوعي قبل الثورة ، ورفع وتيرة الفعل الشعبي بشعارات تتجاوز الأخوان الى رمي كل العبث السياسي الممول من الخارج والتبعية الخارجية والتغريب الثقافي ، وتفعيل القضاء ضد الفساد المالي والسياسي ، وجعل الإرادة الشعبية هو صاحبة القرار والإدارة