.
ربما لأن فترة حكمه لم تتجاوز العامين ، وربما لأنها أتت بين فترات شخصيتين مميزتين هما مؤسس الدعوة ونبيها ورسولها الكريم ، وباني الدولة الاسلامية و فاروقها فلم تنل حقها من التمحيص و البحث والتكريم ، إلا ان هذا لا يقلل من الدور الذي لعبته امام تحديات جسام ..
فالصديق واجه وقاد فترة إنتقالية عصيبة بدأت بفقدان الأمة الاسلامية والعالم لرسول الله.. ومرت بحروب الردة و إدعاءات االنبوءة والتعصبات القبلية .. ورغم هذا كله تمكن من قيادة السفينة بحكمة بالغة وبصبر وعزم شديدين كم نحتاج الى ان نتعلم منهما.
ولقد ترك الصديق رضي الله عنه لنا وثائق سياسية من اجمل واهم وثائق الانسانية... أولها هو خطاب قبوله تولى الخلافة الذي عبر فيه بإيجاز وبلاغة عن العلاقة بين الحاكم والمحكوم و حدد رؤيته لمسؤلياته حيث قال:
""أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم،
فإن أحسنت فأعينوني،
وإن أسأت فقوموني،
الصدق أمانة، والكذب خيانة،
والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله،
والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله،
لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل،
ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء،
أطيعوني ما أطعت الله ورسوله،
فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
ومن الجدير بالذكر أن هذه الوثيقة قد تم ضمها لوثائق المعهد الدولي لحقوق الإنسان بجامعة دي بول شيكاغو، ومكتبة حقوق الانسان بجامعة مينسوتا.
أما الوثيقة الأخرى فكانت الإيجاز الملهم في خطابه لأسامة بن زيد ... حيث قال يوصي جيش المسلمين :
" «أوصيكم بتقوى الله:
لا تخونوا،
ولا تغلوا،
ولا تمثلوا،
ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة،
ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً؛ إلا لمأكله،
ولا تعرضوا للعباد والزهاد الذين يعيشون في صوامعهم يذكرون ربهم».
ما أحوجنا الى تأمل هذه العبارات الموجزة و استلهام الحكمة منها وتبني "القيم الانسانية" التي تحتويها ... ما أحوجنا