الطريقة التجانية بأفريقيا وعلاقتها بالسلطة..

580.jpg

   بلعرابي يتسلم سيفا مذهبا هدية من شيخ قبيلة الرئيس التشادي إدريس ديبي …

اقضى الخليفة العام للطريقة التجانية سيدي علي بلعرابي أسبوعين متجولا في أقاليم تشاد، استهلها بلقاء الرئيس إدريس ديبي وأعضاء مكتبه في القصر الرئاسي، ثم ختمها بلقاء ثان مع ديبي في منزله الخاص وبحضور كامل أسرته.والطريقة التجانية -التي أسسها أحمد التجاني المولود في عين ماضي بالجزائر عام 1837- هي طريقة صوفية ينتشر مريدوها في تشاد والنيجر ونيجيريا وبشكل أقل في السنغال ومالي.ولهذه الطريقة أتباع في بقية بلدان الساحل الأفريقية، وهي تحظى بدعم المسؤولين الرسميين في تشاد وبقية بلدان الساحل، وهو ما مكنها -بحسب مراقبين- من إزاحة منافسيها في المنطقة، من السلفيين الذين يصفون أتباع هذه الطريقة بالمبتدعين.وفي مؤتمر عقد في إنجمينا خلال زيارة بلعرابي لتشاد، أكد مشاركون فيه على أن الاعتدال ونبذ التطرف من أهم مميزات الطريقة التجانية، في إشارة إلى أنهم يقفون مع الحكومة التشادية في حربها على الجماعات المسلحة التي ترفع مطالب دينية في المنطقة، كمسلحي بوكو حرام في بحيرة تشاد والتنظيمات الأخرى كالقاعدة وتنظيم الدولة.وقبل تشاد، زار بلعرابي النيجر حيث استقبلته المؤسسة الرسمية بحفاوة مماثلة للاستقبال الذي حظي به في إنجمينا.


ويقول أبكر ولر عضو مجلس علماء الساحل والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تشاد، إن الاهتمام الذي تلقاه الطريقة التجانية من المؤسسات الرسمية في هذه البلدان له علاقة بمنهج الطريقة وفكرها المتميز بالزهد، وعدم منازعة الناس أمورهم.

وأوضح للجزيرة نت أن بعض الرؤساء -كالرئيس التشادي إدريس ديبي- رحب بالخليفة العام للطريقة باعتباره تجانيا مثل بقية أفراد المجتمع في تشاد، وكلهم صوفيه وتجانيون. ومن المنطق أن يستقبل مريد الطريقة شيخها بحفاوة.وفي مالي التي تخوض حربا مع المسلحين المطالبين بالالتزام بنهج إسلامي في الحكم مثل تطبيق أحكام الشريعة في القضاء وطرد القوات الفرنسية والأجنبية، تتزايد أهمية مواقف الطرق الصوفية والجماعات الأخرى التي لم ترفع السلاح في وجه الحكومة وحلفائها من الدول الغربية.
ويرى مراقبون أن العلاقة بين المؤسسة الرسمية في بلدان الساحل والطريقة التجانية تؤتي أكلها بالانتصار لصالح أتباع الطريقة، وتمنع منافسيها من تولي مناصب الشأن العام في الأمور الدينية للمسلمين في هذه البلدان.جمعية أنصار السنة المحمدية -وهي جمعية قريبة من النهج السعودي في الدعوة، وعلى علاقة جيدة بالمؤسسات الدينية السعودية- صدر قرار بحلها من وزارة الداخلية في تشاد.وكشف مقربون من الجماعة -فضلوا عدم ذكر أسمائهم- أن النفوذ الذي يتمتع به التجانيون داخل السلطة في تشاد يقف وراء هذا القرار الذي أمر بحل الجمعية وتقييد نشاطها، رغم انعدام أي دليل واضح على مخالفتها للأنظمة المعمول

وقال أبكر ولر إن الطريقة التجانية سبق أن استفادت من علاقة جيدة مع المؤسسات الرسمية السابقة المتمثلة في سلاطين الممالك الإسلامية في بلدان الساحل الأفريقية، مما مكنها من الانتشار، لأن الناس هنا كما يقال "على دين ملوكهم".وعن دور موقف المستعمر الفرنسي من الطريقة التجانية وتفضيله لها على الطريقة السنوسية التي نادت بالجهاد ضده، قال أبكر ولر "لا يمكن حساب هذا الموقف على الطريقة التجانية، لأنه اتخذ بناء على فهمهم في ذلك الوقت وتقديرهم لمصلحة الأمة وحفظ الأنفس".