الفرق بين جلسة الشاي , وجلسة الرقيلة هو أن جلسة الشاهى لا تأتى بالشبهة لان اصحاب الجلسة فى الغالب هم معروفون أما من نفس العائلة او من ضيوفهم الاقربون , ومكونات جلسة الشاي معروفة وعادتا تتكون من كانون النار والبراد وحشيشة الشاي والسكر والماء؟ وجلسة الشاي لا تأتى بالعادة بالأفكار المجنونة نتيجة خلوا الشاى من أى مؤثرات عقلية ؟, أما جلسة الرقيلة ففى الغالب أصحابها تأتي بهم المصالح من غير ميعاد ومكوناتها غريبة في الشكل والوظيفة ,لولا الدخان والروائح التي تشتمها طوال الجلسة ,ولولا الهواء الذى تتنفسه بصعوبة بالغة يخيل إليك فى هذه الجلسة انك تتنفس من تحت الماء فى مستنقع ماء أسيء , , جلسة الرقيلة بها شبهه فأنت لا تعرف ما هو المعسل ومما يتكون, ماذا يوجد تحت رماد نار الفحم من مصائب قد تذهب العقل فهكذا جلسات لا يغيب عنها الحشيش المصدر الرئيس لكل المؤثرات العقلية ؟
كنت على ما يبدو ضيفا ثقيلا على صاحبي , صاحب الرقيلة والمعسل فأنا لست من رواد هذه الجلسات , ولكن اتى بى القدر على غير ميعاد لحاجة فى نفسى عند صاحبي؟
قصفني صاحبى بسؤال ومنذ بداية الجلسة وهو يرتشف رقيلته والدخان يتصاعد عاليا من على رقيلته, ومن أنفه حتى كاد الدخان أن يحجب ملامح وجه عنى؟... سألنى ...لماذا أنت ضد إقامة دولة للتبو في المثلث التباوي؟ و لماذا أنت ضد قومك؟
وبما ان السؤال كان مفاجئا بالنسبة لي , حاولت أن استجمع بنات افكارى للرد على السؤال ولكنى لم اعرف من اين ابدأ الاجابة فصاحبى كما عرفته , ليس سياسيا محترفا وليس مثقفا واعيا ولم اعرف عنه شيئا كل ما أعرفه عنه هو انه تاجر ابل ؟
فسألته ما هو تعريفك للدولة ...؟ فأجاب شعب ...وأرض ...وحكومة ؟ لدينا الشعب ..ولدينا الارض ...واضاف ..لا تنقصنا إلا حكومة نختارها بارادتنا ونطلب الاعتراف من الأمم المتحدة ودول العالم ؟
فسألته ….كيف ستطعم هذا الشعب ؟
فبهت ,فنظر , وتلعثم فى الرد ...وقال كما تطعم بقية دول العالم شعوبها ؟ فهم ليسوا بأحسن حال منا؟
فعرفت ان صاحبي هو مجرد معجب يردد اغنية ’ لا يعرف معنى كلماتها , وانه مجرد حكواتي يردد ما يسمعه من الاخرين , وقد زين له الآخرون الفكرة فأخد يروجها دون أن يعرف مقاصدها ؟
هذا اذا استثنينا بطبيعة الحال ما يحتويه "المعسل" من مؤثرات عقلية تطردك من رحمة الواقع لتجوب بعقلك في خيال رحب لا نهاية له.
الكثير من ابناء التبو يرددون هذه المفاهيم , دون معرفة معناها ورصد وتوقع نتائجها ,كل واحد له اسبابه , البعض يتخذ من الظلم والتهميش الذي وقع على أقلية التبو فى الدول الثلاث لعقود سببا ودافعا لمطالبة ؟, البعض يؤمن بالدولة القومية وأن كل قوم يجب أن تكون لهم دولة ؟ والبعض هو دكتاتور صغير فى طور التكوين يتطلع ويحلم بمنصب فى الحكم ؟ والبعض هو مجرد كتلة من العواطف المتأججة والعصبية العمياء يردد ما يسمع دون تدبر او وعي؟
وبغض النظر عن دوافع هؤلاء جميعا , تظل فكرة الدولة القومية فكرة شعبية متداولة لدى كل الأقوام والأقليات العرقية والدينية في أنحاء متفرقة من هذا العالم ولا احد يستطيع من منع تداولها وتعاطيها ؟ ولا أحد يستطيع منع استغلالها لمصالح استراتيجية لدول كبرى قد تسعى لتفتيت دول قومية تعرقل مصالحها؟
ولكن….فكرة انشاء دولة التبو فى المثلث الصحراوي التباوي بين ثلاث دول , هى فكرة مجنونة بالاساس وهى غواية شيطانية جوالة يوسوس بها الشيطان إلى اتباعه, لتدمير ما تبقى من كيان هذا المجتمع الغلبان ؟
عندما سألته ما هو مفهومك للدولة ؟ أجاب بلا تردد ...وقال : أرض...وشعب ...وحكومة؟
ولكنه لم يحدد مفهومه للشعب فالشعب قد يكون من عرق واحد وقد يكون من عدة أعراق, ففى دول العالم تتكون الشعوب من عدة أعراق وقوميات , ولا عيب فى ذلك , كما ان الأرض موضوع الدولة هو مفهوم فضفاض ومن الصعب اثبات ان الارض هى ملكية مقدسة لعرق بعينه, وكما أن الدولة قد تنشأ من انشطار الدولة الواحدة على اساس قومى او دينى, كذلك الدولة قد تنشأ من اندماج دول وكيانات اجتماعية مختلفة ولنا فى العالم امثلة كثيرة ؟
الذين ينادون باقامة الدولة التباوية فى جغرافيا المثلث التباوي , هم فى الحقيقة لا يعيشون معاناة ابناء التبو فى مناطقهم ولم يضحوا من أجلهم , ولم يساهموا فى تنميته أو حتى محاولة انتشالهم من الفقر والجهل والمرض في أوطانهم , ولم يقدموا شيئا لبنى جلدتهم عندما عصفت الحروب في بلدانهم ؟ هؤلاء يعيشون خيالا فى عالمهم الافتراضى يتمترسون وراء وسائل التواصل الاجتماعي و يروجون لأفكار لا يستطيعون الدفاع عنها فى عالم الواقع؟
جل الحروب التى خاضها ابناء التبو فى الأقاليم التى يقيمون فيها كانت حروب من أجل استرجاع الحقوق ولم تكن من اجل الانفصال وتكوين الدولة القومية , الحرب فى شمال تشاد كانت ضد استبداد حكام انجمينا وضد الاستعمار الفرنسى وقد اوصلت شخصية تباوية الى الحكم , الحرب والتمرد فى شمال النيجر كانت ضد استبداد حكام نيامي وتهميشهم لابناء التبو في شمال النيجر حيث اوصلت زعامات تباوية وأصبحوا شركاء فى الحكم , الحروب الخمس فى ليبيا بعد 2011م وقبلها و انتفاضة ابناء التبو فى الجنوب الشرقي كانت من أجل استرداد الحقوق وضد الاستبداد؟
لاحظ ان كل هذه الحركات والحروب فى هذه الدول التى استشهد فيها المئات بل الالاف من ابناء التبو لم تكن من أجل الانفصال عن الدولة الوطنية بل كانت من أجل استرجاع الحقوق الاقتصادية والثقافية والسياسية فى إطار الدولة الوطنية؟
الشعوب والاقليات والاعراق التي استمعت لغواية الشيطان ,وخاضت حروب من أجل الانفصال عن الدولة الوطنية لازالت تعاني ولنا فى جنوب السودان المثال , التبو ليس لهم مستقبل الا فى اطار الدول الوطنية التي يعيشون بها ولا يلغى هذا بطبيعة الحال المطالبة بحقوقهم الثقافية والمطالبة بالحياة بالعيش الكريم وذلك بتنمية شاملة لمناطقهم ؟
أما فكرة الدولة التباوية يا صاحب الرقيلة , فهي سراب يحسبه الظمآن ماء ؟ واحذرك من اللهث ورائها, ولا يعنينى من اوحى بها اليك ...هل هو شيطان افكارك , ام هو معسل الحشيش تحت رماد فحم الرقيلة؟
تباوي ودبلوماسى سابق ..
هذا الحديث ليس له بقية...كما جرت العادة؟