الطريق بين الإبتلاء والنصر



في بداية نزول الرسالة واجه الكفار المسلمين بالإيذاء والتعذيب والسخرية ، ونعتوا نبي الله عليه الصلاة والسلام ، الذي كان يلقب بالصادق الأمين بـ ( الساحر والشاعر والمجنون والإتيان بالأساطير ) .
وأشتد الإيذاء مما أجبر بعض الصحابة للهجرة إلى الحبشة بعيدا عن بطش كفار قريش الذين تتبعوهم حتى عند ملك الحبشة ..
وأزداد غضبهم ومكرهم فوسوس لهم شيطانهم بالقتل ، فجمعوا غلمانهم وخططوا لقتل النبي الكريم ، ثم لاحقوه عند هجرته من مكة إلى المدينة المنورة ..
...
وفي العام السادس للهجرة تم منع النبي وصحابته من العمرة ، لكنهم جلسوا معه في الحديبية وكتبوا بمكابرة ( باسمك اللهم ) بدلا عن بسم الله الرحمن الرحيم ، و ( محمد بن عبدالله ) بدلا عن محمد رسول الله ..
...
وفي العام الثامن من الهجرة ، أصبح ذلك النبي الفقير الأمي ، الذي خرج من مكة رفقة أبوبكر الصديق فقط ، حوله ألاف المؤمنين ، وأنطلقوا في زحف مقدس لفتح مكة في عشرة ألاف مقاتل دخلوها من أبوابها الأربعة .. في مشهد رهيب أدخل الكثير من أهل مكة للإسلام ومنهم سيد قريش أبو سفيان بن حرب ، وزوجته هند بنت عتبة ، وعكرمة بن أبي جهل ، وسهيل بن عمرو ، وصفوان بن أمية ... وأطاحت طلائع الإسلام بعرش كسرى وهرقل ..
....
ثلاث محطات مهمة نستخلص منها دروس وعبر ::
* أولا . لا سطوة ظلم تدوم ، ولا قوة باطل تصنع حق ، ولا أكداس مال تحقق طمأنينة .. ( ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا ) الأنفال 37 ..
* ثانيا . الإيمان بالقضية ، والثباث على الموقف ، والصبر على الأذى ، والصمود على المبدأ ، وتقديم التضحيات هي سبيل قلب المعادلة وتحقيق النصر المؤزر ..
* ثالثا . هناك زمن لابد منه بين الإبتلاء والفرج ، لحكمة من الله يمتحن فيها عباده المخلصين ، ويميز الخبيث من الطيب .. ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) العنكبوت 2 .. ( فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) العنكبوت 3 .. ( وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم ) ال عمران 154 ..
* رابعا . من حكم الابتلاء هو الإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة الكبرى والمسؤولية العظمى ، فحمل الأمانة لا يتم إلا بالمعاناة ، وتحمل المشاق ، والصبر الحقيقي على الآلام ، والثقة الحقيقية في نصر الله أو ثوابه على الرغم من طول الفتنة وشدة الابتلاء .
أخيرا . السقوط التدريجي للباطل ، والتغير في الموقف من الصدود والملاحقة إلى التفاوض والحوار ثم الإستسلام والنهاية .. في إشارات واضحة لمن يتمعن ويتدبر .. . ( أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) الانبياء 105 .
ما أعظم النبي الكريم ، فطوبى لمن سار على نهجه إلى يوم يبعثون ...