مقال منقول …
كما ( البوعزيزي ) لم يكن مجرد بائع جوال مجهول في سيدي بوسعيد ، فهو كان الإشارة التي كان ينتظرها إعلام الدوحة والرياض وأبوظبي ، وقناصي الثورات الملونة المحترفين فوق العمارات العالية والأزقة المظلمة بتونس ، وشيوخ تفصيل الفتاوي في مكة والمدينة ، ولوبيات المال في وول ستريت ، واليمين المتطرف في تل أبيب ، ويراقبها مهندسو الفوضى في نادي بيلدربيرغ السري ، وترصدها أقمار وطائرات الناتو والأفريكوم من بروكسل وشتوتغارت ... كذلك محمد على ( بوعزيزي أخر ) ليس مجرد مقاول مصري وفنان فاشل ، فهو واجهة للوبي داخلي ودعم خارجي .. ( خلية المقاول الذي يبنى قصور السيسي ويلوح بأدلة تهم الخيانة العظمى ) .. ولأنه ليس مجرد مقاول مغمور ، طلبت بعض الجهات الأمنية من السيسي عدم الرد ، لكن السيسي كسر القاعدة ورمى توصية الأمن خلف ظهره و رد : نعم أنا بأبني قصور وأعمل وأعمل . اللي بتقولوه على القائد بتاعكم خطير ..
ولكي تعرف أن الموضوع أكبر من حادث عارض ، يتبع محمد علي ، أحد النشطاء من سيناء والذي كان أحد أعضاء لجنة الخمسين لوضع الدستور 2013 ( مسعد أبو فجر) حيث وجه اتهامات للسيسي ونجله ضابط المخابرات محمود بالعمل على تهجير أهالي سيناء وإبادة قرى بأكملها ، والحصول على مكاسب مالية ضخمة عبر السيطرة على عمليات التهريب إلى قطاع غزة ..
وكانت مجلة إيكونوميست البريطانية الشهر الماضي تكتب عنوان : ( ماذا لو انهارت مصر وما تبعات ذلك ؟ ) تقول فيه ( إذا فقدت الحكومة المصرية السيطرة على الأوضاع، فإن القوى الخارجية ستتدخل للإبقاء على قناة السويس مفتوحة أمام الملاحة الدولية ، ويستخدم المتمردون الليبيون المناطق الحدودية قاعدة خلفية لهم ، والجهاديين سينتهزون الفرصة لإقامة دولة خلافة جديدة في مصر ، وإسرائيل ستلجأ إلى قصف أهداف تابعة لتنظيم الدولة في مصر .. وإعادة الوضع قد يستغرق عقودا من الزمن ) .. وتنهي مقالها بأن ( السيسي لن يكون الرجل المناسب للقيام بهذه المهمة ) ..
السفير الأمريكي في القاهرة توماس جولدبرجر في الإحتفال بمرور 40 عاما علي معاهدة كامب ديفيد بين مصر والكيان الصهيوني بمارس الماضي قال ( دعمنا مصر بأكثر من 80 مليار دولار من المساعدات الأمنية والاقتصادية ، ونوفر لمصر سنويًا 1.3 مليار دولار لتجهيز الجيش المصري ، وأكثر من 30 مليار دولار كمساعدة إنمائية منذ اتفاقات كامب ديفيد ) وهذه المليارات حتما ليست لوجه الله ، فهي تؤمن الأختراق والسيطرة على القرار ، لتأمين عدم تكرار ثورة الضباط الأحرار في 1952 التي أممت القناة وحققت الإجلاء ورفضت التطبيع .. وهذا ماعبرت عنه السفيرة الأمريكية السابقة في مصر آن باترسون في ندوة بمركز التقدم الأمريكي في فبراير الماضي ( أن الجيش هو الذي تخلص من مبارك ، وتخلص من مرسي ، وهو من سيتخلص السيسي لاحقا ) ..
قناة الجزيرة تعاود نشاطها وحماسها في 2011 بشهود عيانها وشاشة مباشر من أربع ميادين .. والمذيع يرتب أتصالات مجهولة ( أحدهم لايستطيع أكمال المكالمة لأنه وصله الغاز الذي أطلقه الشرطة ، والأخر يؤكد أن الأعداد تتزايد ، والثالث بدهاء يؤكد أن الشرطة تتعاطف معهم ) .. وترتيب الخروج الجمعة القادمة ..
السيسي يستغل لقاء ترامب ليقول رسالة قوية تتهم الإسلام السياسي ، ويستغل منبر الأمم المتحدة للحديث عن أزمة السد النهضة الذي يمس ملايين المصريين .. لكن قبل أن ينتشئ بدعم ترامب وكلماته المشجعة .. تتدخل الدولة العميقة .. فتصرح رئيسة مجلس النواب الأمريكي بإعلان البدء في أجراءات محاكمة ترامب تمهيدا لعزله ( تهم بالخيانة خاصة بعد إتصال الأخير بمسئول أوكراني بخصوص جون بايدن ) .. وترامب بالأمس يغرد : مضايقة الرئيس !!!
قبل ذلك .. نموذج الأنتخابات التونسية ( بحملة أعلامية براقة ) تم تسويقها لإستهداف أشعال الشارع الجزائري وكأنه منتج محلي وليس أخراج منظمة IFES الأمريكية ، بشعارات أسقاط النظام كله ، خاصة بعد محاصرة عناصر جبهة التحرير لإخراجهم من المشهد ، من بوتفليقة حتى جمال عباس ومحمد جميعي بتهم ومحاكمات وعزل ، وأخرين أضطروا للإبتعاد عن الأضواء .. وعدد من الجنرالات مثل مدين وتوفيق وطرطاق وضعوا في نفس الزنازين مع رؤوس المال حداد و ربراب وكونيناف وطحكوت .. والتي يحاول فيها قايد صالح أن يستوعب مطالب الشارع و توصيات الخارج للحفاظ على صورة الدولة ولو شكليا ..
ويأتي النموذج السوداني ( بذات الحملة الإعلامية البراقة ) بتوقيع إتفاق ظاهره ( مدني عسكري محلي ) وخلف الكواليس ( المبعوث الأمريكي وضع العناوين ومبعوث رئيس الوزراء الأتيوبي أشرف على التفاصيل قبل أن يحط بطائرته في تل أبيب ويحتضن نتنياهو ) وذلك لأشعال الشارع المصري ، بشعارات أسقاط الرئيس وحاشيته ، خاصة بعد تورط قيادات من الجيش في الفساد ، فالمطلوب تهيئة المنطقة لمرحلة قادمة تكون ( الديون تراكمت ، البنك الدولي تغلغل ، الأقتصاد أنهك ، الشارع ملتهب ، القيادات كلفت ) لتمرير صفقة القرن وسايكس بيكو وعلمانية تفتح الباب لحريات تكسر المعتقد والجنس والهوية والثقافة