الاتحاد الأفريقي وتسمية الأمور بمسمّياتها.. ليبيا،، وحرب أنجولا: هل يريد الليبيون أن يحتربوا لعقدين آخرين؟

th.jpg



مقال منقول…

أن تهدّد مؤسسة من مؤسسات الاتحاد الأفريقي وهي "مجلس الأمن والسلم" بتحديد الأطراف الضالعة في استدامة الصراع ببلدنا فهذا يعني أمرين اثنين على الأقل، أولهما ان الاتحاد قد حاول معالجة المسائل ضمن اطار يراعي الدبلوماسية الهادئة والسرية وأنه قد أخفق إلى حدّ الآن بشكل واضح في فرض ايقاعه وأسلوبه وحجمه ضمن الأطراف الراعية لمشاريع الحلول والمبادرات الإقليمية والدولية. أما ثانيهما، فهو أن الاتحاد يشعر أن هنالك من يريد تحجيم دوره في معالجة النزاع في ليبيا، وأن هنالك أطرافا "متطفلة" وأخرى "مهيمنة" تجمعها مصالح تقتضي عرقلة أي مشروع يهدف إلى جمع الليبيين وتقريب وجهات النظر وحقن الدماء، ويفهم الاتحاد الأفريقي بعمق أن المعاناة المتزايدة لدول أعضاء بمؤسساته وخصوصا بلدان إقليم الساحل والصحراء تجعله طرفا متضررا بل مهددا من جراء استمرار الأزمة الليبية، بما يحتم عليه رفع وتيرة تحرُّكِه. 

التحرُّك الأفريقي باتجاه مساعدة الليبيين يصطدم بعرقلة ليبية داخلية وإصرار على الاستمرار في خيار المواجهة المسلحة، لكن ليس من الصعب إدراك حقيقة معلومة بالضرورة هي الحرب بالوكالة الدائرة على الأرض وفي الأجواء والمطارات وفي حقول موارد الطاقة.. هي الحرب التي يخوضها الليبيون نيابة عن آخرين يتناطحون في أروقة الهيئات الدولية ويتصارعون في ساحات صراع إقليمية أخرى عربية وأفريقية وغربية!! 

مسئولون من مؤسسة "مجلس الأمن والسلم بالاتحاد الأفريقي" استدعوا مثالا أفريقيا عن صراع انتهى بجهود أفريقية وهو الحرب الأهلية التي استعرت في أنجولا على مدى سبعة وعشرين عاما كاملة، لعب فيها الخارج كما شاء، وتورطت فيها منذ عقد السبعينيات دول كبرى وإقليمية عديدة كــ [الاتحاد السوفياتي، يوغوسلافيا، الصين، الولايات المتحدة، ألمانيا الشرقية، زائير..الخ] بدوافع أيديولوجية، لكن لم يُمت فيها غير الأنجوليين، ولم تُنهب فيها غير خيرات أنجولا ونفطها ومواردها.. 

أودّ أن أسأل بني جلدتنا من عامّة الليبيين وخاصّتهم.. مدنيّيهم وعسكريّيهم.. معتدليهم ومتشدّديهم: 

هل تريدون أن تمتد الحرب الليبية لثلاثة عقود من الزمن؟ بمعنى، هل تريدون صراعا قد يستمر لعقدين آخرين على أقل تقدير كي تدركوا مدى الإجرام والأذى الذي اقترفوه في حق الوطن؟؟!!

وهل لدى الفرقاء المتصارعين الجرأة كي ينفصلوا عن أي طرف دولي أو إقليمي يمارس نفوذا أو تأثيرا أو عرقلة أو تسليحا أو تمويلا عليهم يلتمسون من وراء ذلك مصلحة بلدهم وإنقاذ شعبهم؟ أم تراهم قد بلغوا نقطة اللاعودة في التبعية والإذعان للآخر؟ 

أنجولا وليبيا بلدان نفطيّان،، فهل سيبقى في ليبيا -لو استمرّت الحرب فيها مثل أنجولا- شيئا يمكن أن يتصارع عليه أبناؤها؟ وهل ستستطيع فكرة العيش المشترك والوحدة الترابية والاجتماعية الصمود أمام نزاع طاحن سيأتي على كل موارد الوطن ويقضي على كل الروابط ويفصم الأواصر ويقصم ظهر البلد؟ 

قد يضطر الاتحاد الأفريقي إلى إعلان المعرقلين والبلدان الأفريقية المتورطة في استدامة الصراع.. وسيكون هذا عملا شجاعا اذا استطاع تنفيذه.. لكن هل سيستفيد الليبيون من إجراء كهذا حقا؟ وهل سيتحلّون بالشجاعة اللازمة للمضي في حلّ عملي وفعلي متحررين من التبعية للأجندات والقوى الأجنبية؟ 

لا أحد بوسعه الإجابة عن هذه التساؤلات في الوقت الراهن على الأقل.. لننتظر..