تذكيرا بفجر أوديسية أو ظلامها الدامس !!!
مقال منقول…
--ا الإسم كان هو الإسم الكودي لمشاركة القوات الأميريكية في العمليات العسكرية ضد القوات المسلحة العربية الليبية خلال الفترة 19 -31 مارس2011م. قبل توحيد عمليات القوات الاستعمارية تحت قيادة الناتو و هو وصف يميّزها عن مشاركات الدول الأخرى التي منحت عملياتها أسماء مختلفة حيث سُمّيت المشاركة الفرنسية " هارماتان Harmattan " بمعنى الريح الحارة الجافة التي تهب على الصحراء الأفريقية و سمّيت الكندية " المتحركة Mobile " و سُمّيت البريطانية " إيللامي Ellamy " و لقد حظي الإسم الأميريكي بترويج إعلامي كبير لعدة أسباب في مقدّمتها أهمية الولايات المتحدة و دورها في السياسة الدولية فكان الأطول عمراً و الأكثر انتشاراً ، و بالرغم من أن بعض المسؤولين الإنجليز و الأميركيين قد صرّحوا حينها أن إسمي عملياتهما لا يحملان أي معنى meaningless names و لا علاقة لهما بالعمليات على الأرض ، فإن المتابع للتسميات الأميريكية لعملياتها و ما تطمح إليه من دعاية يجد أن إسم" فجر أوديسيا" قد استدعاه واضعوه من الأدب اليوناني القديم ، فالأوديسية هي ملحمة شعرية ألّفها الشاعر اليوناني هوميروس خلال القرن 8 ق.م. و جاء اسمها نسبة إلى أحد الأبطال الإغريق الذين شاركوا في الحرب ضد طروادة و هو أوديسيوس ملك إيثاكا الأسطوري الذي عُرِف بشجاعته و ذكائه و ابتكاره خدعة الحصان الخشبي التي مكّنت الإغريق من اقتحام طروادة بعد حصارها لمدة 10 أعوام ، و تصوّر الملحمة رحلة عودة هذا البطل البحرية الشّاقة إلى وطنه إيثاكا التي حكمتها أثناء غيابه زوجته المخلصة بينيلوبي التي ظلّت تواجه تكالب الخطّاب من أثرياء و نبلاء المدينة الذين أرادوا الزواج منها و الظفر بقصر أوديسيوس و ثروته و استطاعت مماطلتهم بحجج مختلفة آخرها أنها ستختار أحدهم بعد أن تنهي حياكة كفن والد زوجها و مرّ الزمن و لم تنه حياكته لأنها كانت تنقض ليلا ما تحيكه نهاراً إلى أن فضحت سرّها احدى الخادمات فأضظرت لوعدهم بأنها ستتزوج الذي يستطيع أن يشدّ قوس أوديسيوس و يرمي سهمه و كانت تعلم أنه لا يستطيع ذلك سوى زوجها أو ابنه تيليماخوس و في اليوم المحدد لهذا السباق وصل أوديسيوس متنكّراً في صورة شيخ عجوز متسوّل و أخذ القوس بعد أن فشل أولئك في شدّه و استطاع في تلك اللحظة أن يقتل 40 من الأثرياء خطّاب زوجته بعد أن كانوا يظنون أنه قد مات في الحرب لاسيما و أن جميع الإغريق قد عادوا و تأخر هو هذه السنوات العشر 10 و هكذا استعاد قصره و زوجته و ابنه الصغير بعد 20 عشرين عام من الغياب ظلّت فيها بينيلوبي وفية له و لذلك صار اسم أوديسيوس في اليونانية يحمل معاني العذاب و الألم و الغضب و الكراهية فهو يعود للفعل Οδυσσομαι : بمعنى الكراهية ، الغضب أو للفعل Οδυναω : بمعنى يألم ، يشعر بالألم أو العذاب أو يسبب الألم أو العذاب للآخرين ، و معلوم أن أوديسيوس قد تألم و تعذّب و سبب الألم و العذاب لآخرين و غضب و أغضب آخرين من البشر و المؤلهين أثناء رحلته الشاقة التي استمرت 10 أعوام و هكذا صارت لفظة أوديسية في الأدب تعني : أية رحلة عذاب و ألم و كراهية .
لكن يظل استدعاء هذا الإسم من الأدب الكلاسيكي محل جدل ، فهل أراد واضعوه الإشارة إلى أن هذه العملية ستكون طويلة و شاقة و مليئة بالآلام و العذابات و الكراهية تشبيهاً لها بالمشاق التي عاشها أوديسيوس في رحلته أم أرادوا إضفاء طابع ايجابي للحرب بعبارة الفجر الذي يأتي بعد الظلام لاسيما للجنود و الرأي العام الأميريكي الذي ينتظرعودة الأبطال منتصرين كما عاد أوديسيوس إلى قصره و انتصر على كل من حاول خيانته . لا أعتقد أن عاقلا يغفل العذابات التي حملتها هذه العملية لليبيا و الليبيين و لا أظن أن مواطناً سيقبل اليوم أن العملية حملت لليبيا نصراً حتى و إن كان جاحدا.
فهل تبين للذين على قلوبهم غشاوة الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر أوديسية أم على قلوب أقفالها ؟