البداية من الجنوب


مقال منقول …

البداية من الجنوب . !!

قد نتفق معهم في الأسلوب وقد لا نتفق .. ولكن من الإنصاف أن نقول وبوضوح أنه من حق أهل الجنوب أن يكونوا غاضبين ومن حقهم المطالبة بحلول لمشاكلهم المزمنة والمرهقة ... وكم أتمنى ان يتحول الغضب الى أفكار والأفكار الى حراك جنوبي وطني يسعى لترتيب البيت الداخلي والى تقديم طلباته ومشاريعه وحقائقه الى السلطات والضغط لتنفيذها .... تبقى عدة أمور يجب التذكير بها ...

أولا .. 
إنه ليس من الانصاف تصوير الصراع وكأن الشمال ينعم بثروات الجنوب ويتعمد إهماله ...فمثل هذا التصور قد يقود الى استنتاجات وقرارات ستعمق من ازمات الجنوب وقد تدفع به نحو ما هو اكثر خطرا من الوضع الراهن.

إهمال الجنوب ليس مؤامرة من أهل الشمال وانما هو نتاج عقود من سوء الإدارة المشين و نتاج للانقسامات السياسية الحالية وللقصور في الاداء ولتشتت الجهود ولضعف الإمكانيات العسكرية .. فالإهمال ظاهرة مست الجميع في ليبيا وإن بدرجات مختلفة ... بالإضافة الى تضارب وتناقض المعلومات التي تأتي من الجنوب .. والصراعات الحادة بين زعماء مكوناته ...

ثانيا ... 
إن الحل في الجنوب لا يمكن ان يقتصر على إرسال قوات او على التواجد الأمني فقط ... بل يجب أن يكون حلا شاملا .. أمنيا وسياسيا واقتصاديا وإداريا.. حلا يبدأ باستتاب الأمن وحسن الإدارة وايجاد حلول لمختنقات الحياة .. ويدفع بقوة نحو مصالحة وتعايش بين مكونات الجنوب ... وهذا لن يتحقق الا اذا اضطلع اهل الجنوب بنصيبهم من المسؤولية .. وتوافقت الاطراف السياسية على جعل الجنوب نقطة بداية للحل .. ونقطة توافق وطني.

و لأن الجنوب بموجب غياب السلطة والنزاعات القائمة بين اهله قد اضحى ساحة للصراعات والتدخلات الاقليمية والدولية فإن هذا يعني ان التواصل والتفاوض والتفاهم مع هذه الدول لا مفر منه.. ولكنه يجب ان يتم ضمن رؤية تعترف بموازين القوة الحالية دونما تفريط في حقوقنا الوطنية .

ثالثا... 
ينبغي التركيز على إنهاء الخلافات القبلية بين القبائل الكبيرة و إنهاء احتكار السلطة من طرف قبيلة واحدة في سبها بالذات و العمل على وضع حد للفساد الذي يمارسه المتنفذون من ابناء تلك القبيلة و غيرها سواء المقيمين في طرابلس كوزراء أو وكلاء او في بلدية سبها ابتدأءا من المجلس البلدي و ذلك بمشاركة كل القبائل في السلطات السياسية و الأمنية والعسكرية ... وهذا لن يتحقق إلا إذا أصبح مطلبا واضحا من مطالب اهل الجنوب.

رابعا ... لا بد من إيجاد حل سياسي للصراعات القائمة هناك خصوصا مع التبو .. الصراع العسكري لن يؤدي إلا المزيد من الدمار والتقهقر في سبل العيش .. إذا ما وجدت إرادة سياسية صادقة فيمكن ايجاد الحلول التي تمكن المكونات المختلفة من العيش بسلام .. والحلول الواقعية هي التي سيجد كل طرف فيها جزء من مطالبه وضمانات لسلامته وتهدئة لمخاوفه.

خامسا ... الجنوب هو نقطة بداية ... أما نحو صراع مفتوح متعدد الاطراف قد يستمر لأجيال ويشرع الابواب أمام المزيد من التدخلات الاقليمية والدولية ... أما ان يكون نقطة بداية نحو توافق بين القوى السياسية تظهر فيه إحساسها بالمسئولية واستشعارها للخطر .. ويقوم فيه أبناء الجنوب بالعمل بترتيب بيتهم بعزم وصدق ضمن تصور وطني مسئول .... وشامل يضمن ويحقق التنمية المكانية وتنمية القدرات البشرية بما يحقق ازدهار الجنوب واستقراره.