بيلا ...لا تأكل مع حماتها...؟ عادات وتقاليد تباوية فريدة...

انا اسمي بيلا..ولا اعرف مصدر اشتقاق هذا الاسم في لغتنا التباوية ، نطق الاسم قريب جدا من اللغات الاجنبية...وخاصة اللغة الايطالية أو الاسبانية..." Bella" ، ولكن التبو لم يعيشوا فى ايطاليا حتى يطلقوا على ابنائهم هذا الاسم، ولم يغزوا اسبانيا حتى يثأتروا بالثقافة الاسبانية في نظام تسمية الابناء ، ولا اعرف سر الاسم ما ان كانت بقايا اسماء ايطالية وجدت طريقها الى الصحراء الكبرى حيث موطن التبو رغم انني استبعد هذه الفرضية باعتبار ان اسم بيلا قديم جدا في ثقافتنا التباوية أقدم من تاريخ الغزوا الايطالي للصحراء الكبرى...

على اية حال هذا مش موضوعنا ...موضوعنا هو ان " بيلا لا تأكل مع حماتها (ام زوجها )؟

عادة فريدة ...وغريبة ...في مجتمعنا التباوي ويطلق عليها بلغتنا " الننغوا "...الننغوا...هو عملية احترام واحتراز مبالغ فيها ، لدرجة اكتسابها القداسة ، وتأخد عدة اشكال منها عدم الاكل ..وعدم المزاح ...و عدم المجادلة، وعدم المشاركة حتى فى المجمع مع الكنة؟

تقول بيلا ، عندما تأتى حماتي (ام زوجي).. الى مجمع نسائي تحرص كل الحرص ان احدا من زوجات أبنائها ليست بالمكان ، وانا كذلك عندما اجدها فى مكان اترك لها الساحة وافر بجلدي احتراما لها ...الكل يعرف هذه العادة لدرجة ان قريباتي يتنافسن فى ابلاغي عندما إتي الى مجمع نسائي فيما ان كان المكان آمن للدخول والجلوس ام غير آمن نظرا لوجود الكنة؟

هذا فى الجلوس ...فما بال الاكل ..فهو من المحرمات الاجتماعية كسر هذا المحضور ممكن بشرط ...وهو ان الحماة تتنازل وتدعوا زوجة ابنها لكسر " الننغوا" وتقول لها العبارة المعتادة " انت زي بنتي" ..لا داعي للننغوا::

عندها فقط تتجرأ.. بيلا وتجلس مع حماتها للحديث والاكل بتحفظ ؟

اما اذا كسرت زوجة الابن " طقوس الننغوا " بدون أذن او سماح من الحماة , فهذا سوف يعرضها الى عقوبات معنوية ومادية وفق الدستور العرفي التباوي , وسوف تدفع مخالفة وهذا يسمى " دوريي "... وهذا فقط يحصل لو ان حماتها او أم زوجها رفعت عليها قضية " عدم احترام " امام المشرع العرفي التباوي، والذي بالعادة يكون من افراد العائلة ؟

اختكم ..هرداه آدم

متى آخر مرة استمعت فيها الى اغنية تباوية؟


=========================

معظم ابناء التبو يعيشون حالة فطام مع الماضي بما يحمله من موروث ثقافي ثمتل فى العادات والتقاليد , ويعانون من حالة تباعد وعزلة عن ماضيهم وثراتهم رغم الادعاءات التى يطلقها البعض من حين الى آخر لغرض المزايدة والاستعراض بانهم لازالوا يتمسكون باصالتهم , نستثنى من هذه الحالة اللغة التباوية المهجنة بكلمات دخيلة من لغات اخرى والتى يتواصلون بها بين بعضهم البعض , وهذا الفصام والتباعد عن الماضي هي حالة وظاهرة اجتماعية تتعرض لها كل الاقليات العرقية والتى تحضنها قوميات اخري ؟ الا ان الحالة التباوية تتميز بعمق الفصام بين ماضيها وحاضرها فى ظاهرة باثوسايكلوجية لم نشهدها فى الاقليات الاخرى.

السؤال متى آخر مرة استمعت فيها الى اغنية تباوية ؟ يحمل مغزى هذا الفصام والتباعد ؟ فالإنسان في حالته الطبيعية يعيش الفرح والأسى ويعيش السعادة والحزن , وإذا أخذنا الغناء مقياسا للسعادة وتعبير عن الغبطة والسرور فغالبا ما يعبر بها الإنسان عن خلجات سعادته منفردا او مع جماعته... , منفردا يدندن وعلى طريقته وبلغته عندما تجيش خواطره بالسعادة فيتذكر اغنية بلغته يحبها فيتغنى بها ؟ اما مع الجماعة فهو يعيش لحظات الطرب والمرح مع الجماعة يتغنون ويرددون أغاني معروفة ومشهورة فى مجتمعهم ؟

مغزى السؤال لا زال قائما ؟ وبالامكان ان يوجه كل قارئ تباوي الى نفسه هذا السؤال ؟ ويسأل متى آخر مرة استمعت فيها الى اغنية تباوية , او غنيت فيها اغنية تباوية بنفسك؟ فى اعتقادى الشخصى سيكون 80% من المستطلع اراءهم تكون اجاباتهم لم يستمعوا الى اغنية تباوية فى مدة سنة باقل تقدير ؟

واذا صدقنا واقتنعنا بهذه النتيجة , هذا سيجرنا الى سؤال آخر وهو إذا … كيف يعبر الانسان التباوي عن حالة سعادته وفرحه؟

الاستنتاج الذي سنصل اليه هو ان عدم التعبير والاستماع بالغناء باللغة الام والذى يعبر عن الموروث الثقافي للمجموعة فى حالة الفرح والسعادة , هي ظاهرة تخلى طواعية عن الماضي, وهو يندر بفراغ نفسي وثقافى للفرد والذي حتما سيشغل حيزه ثقافة اخرى في القريب ؟

يا من تقرأ مقالي أكرر ...متى آخر مرة استمعت فيها لأغنية تباوية؟

على أنر ...باحث فى الثرات والثقافة التباوية -نيوزلندا

فرحة التخرج


فرحة التخرج بعد مشوار طويل من الاجتهاد والمثابرة والدراسة لا يضاهيها اي فرحة في الحياة ، ولحظة نيل الشهادة واستلامها لها وقع خاص وابتسامة واسعة لا تعبر عنها الكلمات، ولكن كل واحد منا قد يعبر عنها بطريقته ...؟

احد ابناء التبو عبر عن فرحته بالتخرج بطريقته الخاصة غير عابىء بتقاليد المجتمع الغربي الذي منحه هذه الشهادة ، ، وذلك بان لبس العمة التباوية على رأسه ومن تم وضع عليها قلنسوة التخرج، ليؤكد بذلك أن الثقافة والتراث جزء من شخصية الانسان وتركيبته ، وليست حلة يلبسها حين شاء ويخلعها حين لا يشاء ، لقد صنع لنا هذا الشاب محتوى يمكن الحديث والإعجاب به ، وقد يلهم آخرين الاقتداء به ...

قد توافقنا الرأي، وقد تخالفنا...هذه من طبائع الانسان ..وفي كل خير ..اترك لنا رأيك

تبوناشن


عندما تكون مختلف ثقافيا عن محيطك الاجتماعي , تسعى جاهدا التعريف بثقافتك, وعاداتك وتقاليدك , دون أي مساس بالوطن وبالهوية الجامعة ,البعض يسيؤن الظن بثقافة الاختلاف .., والبعض الآخر يشككون بعقيدة الانتماء للوطن , وآخرين يطعنون فى العرق والتاريخ والجغرافيا ؟وبين هؤلاء جميعا هناك من يتلمس نور الحقيقة بعيدا عن الظنون والاساءة والتشكيك...

أن يكون عرقي تباوي , ولوني أسمر , ولغتي خاصة , وعاداتي فريدة , هذه مشيئة وآية ربانية لم يكن لي فيها خيار , اما ان اقتنع بها و ادافع عنها واعرف بها الآخرين فهذه مسؤليتى واختياري ..

لا يجب الخلط بين حق التعبير الثقافي والمطالبة بالحقوق الثقافية , وبين الثوابت الوطنية والهوية الجامعة فى ايطار الوطن الواحد...

بمعنى أخر ...

عندما اطالب اعتماد لغتي والتكلم بها فى منطقتي هذا لا يمس الوطن في شىء...

عندما اطالب بتسجيل ابنائي باسماء مصدرها ثقافتى هذا لا يمس الوطن في شىء..

عندما اطالب بتنمية منطقتي وتوفير الخدمات بها هذا لا يمس الوطن في شىء..

عندما اطالب بدسترة حقوقي الثقافية, وتمثيلي فى المجلس التشريعي والتنفيدي بالدولة التى اعيش بها هذا لا يمس الوطن في شىء ..

من يعيشون فوبيا الاقليات , ويسعون الى صنع قنبلة فتنة بتشويه هذه المطالب واعتبارها تهديد للوحدة الوطنية , هم اعداء الوطن ...احذروهم قاتلهم الله.

ادمن تبوناشن


الوشم 111

العادات والتقاليد ..

لطالما كنا ننظر الى هذه العلامات والوشوم فى اماكن متفرقة على الوجه بانها تخلف وجاهلية , ولاكن الجاهلية الحقة هو جهلنا بثقافة وعادات المجتمعات البشرية كافة , ان ما يميز الانسان عن أنسان آخر ليس الجغرافيا فحسب ولكن التاريخ والثرات والعادات والتقاليد ؟

رقم "111" هى علامة يضعها ابناء التبو قديما على الوجه بين العين والاذن؟ وما ادراك ما العين وماالاذن؟ فاللاذن وسيلة الانسان للسمع والعين وسيلة الانسان للنظر والحفاظ عليهما مهمة حياتية دائمة ؟

هناك اعتقاد لذى قبائل التبو لا اعرف مصدره بان هذه العلامة عندما تضع مند ولاذة الطفل ذكر او انثى فانها تحمى السمع وتحمى النظر؟

اما العلامات الاخرى فى مواقع مختلفة على الوجه فهى ليست من تقاليد قبائل التبو؟

Brnoborno...هل تعرف برنوا برنوا؟


Brnoborno...هل تعرف برنوا برنوا؟

هذه الالوان الزاهية النسائية , لها قصة وتاريخ وليست هى مجرد اللوان زاهية , هذه التشكيلة من اللباس و الرسوم على الاقمشة هى علامة دالة على نوع الثوب النسائى التباوى قديما , كان تجار التبو يستوردونها من عواصم وحواضر الدول الثلاث ليبيا وتشاد والنيجر وكان التفصيل و التطريز والخياطة تتم محليا وخاصة فى مناسبات الاعراس .

اختيار هذه الاثواب والاقمشة للاستعراض بها فى يوم الثقافة التباوية كان اختيارا موفقا ولها رمزية الماضى وذكرت الكثيرين منا بامهاتنا وجداتنا...

اسمائنا التباوية , تعكس هويتنا الثقافية …


اللاكي …

اسمائنا التباوية , تعكس هويتنا الثقافية …

الاسم الشخصي هو شكل من أشكال إحداث بصمة ذاتية ومُجتمعية في شخص المُسَّمى، فهو لا يُؤرِّخ للحدث الحاصل، ويشهدُ على الاعتقاد السائد، ويُعبِّر عن الثقافة المحلِّية الموروثة، ويكشفُ عن الهُوية الجمعية المُشتركة الخاصّة بالجماعة الاثنية فحسب، بل إنه فاعل اجتماعي له دور كبير في التأثير على الحياة السوسيونفسية للأفراد والجماعات، وهو مرآة عاكسة للخيال التسموي الشعبي للفضاء الذي ينتمي إليه صاحب الاسم.

يحتل الاسم الشخصي مكانا جوهريا في ثقافات الشعوب، ولا سيما المجتمعات البدوية الصحراوية "، فالعلاقة بينه وبين صاحبه تكاد تكون حتمية حيث يقال …"لكل امرئ من اسمه نصيب". وحتى طقوس السحر يمارس تقليديا على الاسم كما هو معروف (غالبا اسم الأم). والاسم ليس مجرد علامة لغوية كما هو الحال في الثقافات الغربية المعاصرة، بل كينونة الشخص ومصيره.

فى المجتمع التباوي لم يختلف الأمر , فالاسماء التباوية للمرأة والرجل على حد سواء تعكس ثقافة المجتمع التباوي وهى تعبر عن حالة اجتماعية ونفسية وعقدية , لها علاقة بالبيئة , والمعتقد , والتراث , كل اسم تباوي وبالاخص من الأسماء القديمة تحمل دلالة, ومعنى وأطلق على الشخص المعني لغاية , لا تعرف الا في الثقافة التباوية ..

أسم اللاكي…. , اسم علم مذكر يطلق على الذكر من ابناء التبو وهو مركب من جزئين " الله… كي" ,,بمعنى …" الله موجود"؟, وهذا يعكس عقيدة التوحيد فى هذا المجتمع , لقد خلق الله الإنسان وميزه بالعقل عن بقية مخلوقاته , و التذكير بقدرة الله فى صنع الإنسان يمكن ان يحمله اسم هذا الإنسان الذي أمامنا ,وهذا فى حد ذاته شفرة ثقافية تميز مجتمع التباوي عن المجتمعات الأخرى , لذلك لن تجد مرادفا لهذا الاسم فى المجتمع العربي او الاجنبي بحيث يتجسد معجزة الله فى اسم الشخص كونه تعبير عن الارادة الالهية فى خلقه…" الله موجود"--" اللاكي"؟

السؤال : هل لا زال يطلق هذا الاسم على مواليد ابناء التبو …تترك لنا تعليقا.

علي أنر باحث في الثقافة التباوية -نيوزلندا



" تبي يوداه"...عيش بالحليب ..


الاكلات الشعبية التقليدية هى جزء من ثرات الشعوب , مثلها مثل الملابس والمقتنيات والعادات فى الافراح والمآتم ,وهى تعبر وتعكس الواقع وما يحتويه من وسائل الحياة والتى تبقى الانسان على قيد الحياة , خيارات انسان الصحراء فى الغذاء ليست كثيرة كما هو الحال فى المدينة, فأنسان الصحراء لا يأكل الا حين يجوع ,والجوع هو رفيق انسان الصحراء تعود التعايش معه , رغم عدم قبوله..

" تبي يوداه " ليست أكله فاخرة ولذيذة ولكنها تسد الجوع وتعطي الصحة , مكوناتها بسيطة وتحضيرها سهل فهى تتكون من الحليب , والعيش وهو دقيق القمح او الشعير او الدخن بعد طحنه وطبخه..

قد لا يعرفها الكثيرون , ولكنها معروفة لذى قبائل الصحراء الكبرى , هل تدوقت هذه الأكلة الشعبية يوما ,وهل تعرف القبائل التى تشتهر بها؟

علي أنر باحث في الثقافة والتراث الشعبي التباوي

لا تقترب من العريس وتمسك معه السوط على هذا النحو , الا اذا كن تريد ان تصبح مثله؟


===========================================

ليست كل اللغات تكتب وتقراء , فهناك لغة غير مكتوبه , ولكنها تقرأ بوضوح وعناية وهى لغة الجسد ,وهى لغة متعارف عليها ولها متكلميها وروادها,وهى ابلغ من اللغة المكتوبة والمنطوقة فى كثير من الاحيان , التبو بارعون فى استعمال لغة الجسد والرموز , لذلك استعملت فى مناسباتهم وشؤن حياتهم كثيرا,.... الجلوس أثناء اللقاء السلام , ونزع الحداء عند المرأة اثناء مرورها امام جمع من الرجال,ولبس العمة للعريس والامساك بالسوط , كلها علامات غير منطوقة توحي بكلام غير مكتوب الى من يعنيهم الأمر.

الصورة ادناه هي احدى علامات اللغة الغير مكتوبة , العريس هو من يلبس القره بوبو وهو اللباس الشعبي الفضفاض والتى عليها اشكال الزينة , وهو اللباس التقليدي التباوي فى مناسبات الجواز , والسوط هو رمز لابد ان يحمله العريس طيلة ايام فرحه , حتى يميزه عن الآخرين من الحضور ؟...

اثناء تقديم التهاني للعريس ,اذا لم تكتفي بالسلام عليه وتهنئته , وشاركته فى الامساك بالسوط على النحو الذي فى الصورة فهذا يعني ان لك الرغبة بالجواز ان كنت عازب ....أو انك متجوز وتريد الجواز بالثانية, وفى كل خير

...فهى رسالة لجمع الحضور بأنك قادم على شىء خطير سيغير مجرى حياتك ..

اذا كنت متزوج و ممن يخافون اشهار نياتهم فى الزواج من ثانية فلا تقترب من العريس ولا تشاركه الامساك بطرف السوط ....لان وسائل التقنية الحديثة ستنقل الصورة والصوت الى من يهمهم امرك , وتكون فى ورطه انت فى غناء عنها ؟

تحياتى لكم من كتب هذه الاسطر هو " عازب"..ولا يعنيه الامر فى شىء.


النعاج التي جاءت تواسي “كنتاهيي

قصة تباوية قصيرية

للكاتب : محمد ماديكيدمي

”...."

كنتاهيي  ....اسم علم مؤنث  من الأسماء  التباوية تطلق على المرأة التباوية  وتنطق بمد الألف و بتشديد الياء نهاية الاسم… “كنتاهيي”... ليست مجرد اسم بل هي ثقافة وموروث ولغة  وعادات وتقاليد…مصدر اسم كنتاهيي جاء من  “كنتاهو”...وكنتاهو في لغتنا التباوية  تعني “ الرحمة “..وصيغة الاسم “ كنتاهيي تعني “ كثيرة الرحمة “ …والرحمة هي من صفات الخالق عز وجل “ الرحمن الرحيم,  وإطلاق الأسماء على الأشخاص  وحملها صفات الخالق هي  جزء  مهم من موروثنا الثقافي الإسلامي في المجتمع التباوي… كنتاهي اسم تقليدي قديم لم تعد من الأسماء الحديثة التى يفتخر بها  أبناء هذا الجيل , لذلك يندر وجودها بين أسماء نساء التبو فى الوقت الحاضر   . 

تعيش “كنتاهيي”  في قرية نائية وفي  بيت  صغير و متواضع في الصحراء, هذا البيت   صنع نصفه من طوب الأرض  والنصف الآخر من جريد النخيل , البيت  تحفه رمال الصحراء من كل جانب حتى تكاد تردمها  ،ولكنها تبرز كتحفة معمارية صنعتها الطبيعة ، من وراء كومة من الرمال  الزاحفة حتى تكاد  أن تخفي معالمها ...  ،الرمال هي أحد معالم الصحراء يعرف بها الأثر ويستدل بها  على نوع الأرض ويحدد بها مقدار سرعة الرياح  , الصحراء ليس كما يقال  قاسية وجرداء …,هي كذلك لمن لا يعرفها ولكنها تعني الكثير لسكانها فهى تحضن بين حبات رمالها الدافئة الماء السلسبيل  أساس الحياة  في الصحراء … ,  والصحراء ليست هادئة ومؤنسة  دائما ,فهي هادئة  احيانا و  تغضب أحيانا بدون سبب   فتقدفنا  بحبات رمالها  على هيئة رياح ساخنة لا يتحملها إلا من  خبرها و اعتادها , وهو جزء من ضريبة  الوجود  الذي تفرضه الطبيعة على إنسان الصحراء ؟…., بيت “كنتاهيي”..  يقع على حافة رمال  هذه الصحراء   ، حيث تزحف السيوف الرملية كلما هبت رياح القبلي  صوب الحائط الشرقي من هذا  البيت  وتكدس رمالها حتى تكاد أن تردم نصف الحائط وتغلق مدخل البيت المتواضع  قبل أن تبادر أم كنتاهيي “... سحب تلك الرمال بعيدا  عن بيتها  بآلة  بدائية من صنع يدها وهي مجرد  عن لوح “خشبي مربوط بحبل طويل من كلا طرفيه  تساعد على الجر ,يعمل عليها شخصان أحدهما يدفعه من الخلف  والآخر يجره من الامام  إنها براعة اختراع  إنسان الصحراء  صنعها حسب حاجته .,عندما تهب الرياح  تتجمع الرمال حول البيت حتى توشك  على   إغلاق مدخله,  فتهب  “أم كنتاهيي”  تساعدها في ذلك  إحدى  جاراتها  بسحب تلك الرمال بعيدا عن البيت    لتصنع  ممرا آمنا يقود الى مدخل البيت وكذلك ممر آخر يقود  الى  بيت “النعاج”... خلف ذلك البيت  والذي يسمى بلغتنا " كاراه "؟

عندما تشرق شمس الصباح  ، وتبعث بأشعتها الذهبية من وراء تلك الكثبان الرملية ، تكون “كنتاهيي”  ...قد أخذت جرة مائها ، ووضعت حبات من  التمر    في كيس من الصوف صنع خصيصا  من بقايا أكياس القمح التي تم استهلاكها مند سنوات خلت ، وترتدي قميصها  المتواضع وتنورتها والتي يطلق عليها في لغتنا  اسم " يا با".. قبل  ان تشرب كوب من حليب الماعز الذي أعدته امها على عجل من الليل ، لتنطلق  بعدها بحماس لا نظير له  فى مهمة يومية وهي الرعي … رعي النعاج   ...المهمة التي لا تعود منها إلا عند ساعة الغسق عندما تكون الشمس قد رحلت وخيم الهدوء على أنحاء القرية لا يكسر هذا  الهدوء إلا ثغاء الأغنام فى القرية  التي حبست وراء حظائرها في انتظار وجبة عشائها في قلق  ؟

 “كنتاهيي” تسرح بالأغنام  كل يوم تقريبا  ، عند ذلك الوادي على أطراف القرية  حيث تكثر اشجار الأثل والطلح وشيء من سدر قليل ينبث على أطرافه  ,يتخلل هذا الوادي شجيرات النخيل والتى تطل على مستنقع ماء تكثر فيه الحشرات نتيجة المياه الراكدة, الوادي آمن ,اذا استثنينا  الذئاب  التي تزوره من حين الى آخر بحثا عن فريستها ، وتكثر بها الأفاعي والعقارب  وهي من الزواحف التى  تنتشر في هذا الوادي و تكثر في فصل الصيف حيث تخرج بحثا عن  قوت يومها ,...”كنتاهيي”...الفتاة ذو العشر سنوات ربيعا تخرج للرعي كل يوم  غير آبهة بكل هذه المخاطر   سلاحها الوحيد هو العصا التى  تهش بها على  غنمها  وتدافع بها عن نفسها ، وتسقط بها حبات التمر  من أكمام  النخل المطلة في الجوار كلما استطاعت ان تعاند قامتها القصيرة.

تكملة القصة في الجزء الثاني من الحلقة القادمة ….

محمد ماديكديمي

كيف هاجمت الذئاب نعاج .."كنتاهي"..وكيف دافعت عن نعاجها؟