في كل استحقاق انتخابي تتجدد الأسئلة ذاتها وتتصاعد المشاعر وتتباين المواقف بين فرح بالفوز ومرارة الخسارة وكأننا ننسى في كل مرة حقيقة بسيطة مفادها أن السياسة بطبيعتها مجال للمناورة والحسابات وليست ميدانا للصفاء أو المثاليات
لا ينبغي أن نزعل من أحد فالمنافسة الانتخابية لا تفسد للود قضية إلا إذا سمحنا لها بذلك ففي المجتمع الليبي تختلط السياسة بالاجتماع والقبيلة بالانتخاب حتى أصبحت القبيلة في كثير من الأحيان أشبه بحزب سياسي له ثقله وتأثيره وخياراته وهذا واقع لا يمكن القفز عليه أو إنكاره مهما اختلفنا حوله
الانتخابات في ليبيا لا تجري في فراغ بل داخل نسيج اجتماعي معقد تحكمه العلاقات العائلية والاعتبارات الجهوية إضافة إلى البرامج والشعارات السياسية لذلك فإن نتائجها تعكس هذا الخليط بكل تناقضاته ولا يمكن اختزالها في فائز ومهزوم فقط بل هي صورة للمجتمع نفسه
من هنا فإن تهنئة الفائزين قوائم وأفراد ليست مجاملة عابرة بل سلوك حضاري يؤكد الإيمان بالتداول السلمي والقبول بقواعد اللعبة الانتخابية كما أن مواساة من لم يحالفهم الحظ واجب أخلاقي يرسخ فكرة أن الخسارة مرحلة لا نهاية طريق
الأهم من كل ذلك هو أن نتعامل مع النتائج بروح رياضية بعيدا عن التخوين والتشكيك والتجريح فالديمقراطية لا تقاس فقط بصناديق الاقتراع بل أيضا بقدرتنا على تقبل نتائجها واحترام إرادة الناس مهما كانت
السياسة قد تكون خداعا في نظر البعض وقد تكون فنا لإدارة الاختلاف في نظر آخرين لكنها في كل الأحوال ليست سببا لتمزيق المجتمع أو تعميق الانقسام وإذا كانت القبيلة واقعا مؤثرا فإن الوطن يظل الإطار الأوسع الذي يجب أن يجمع الجميع فوق أي اعتبار
في النهاية تبقى الانتخابات وسيلة لا غاية والتنافس محطة لا معركة والفوز والخسارة وجهين لعملة واحدة اسمها الوطن فلنبارك لمن فاز ولنراجع أنفسنا بهدوء إن خسرنا ولنمض جميعا نحو مستقبل يحتاج إلى التعقل أكثر من الانفعال وإلى الحكمة أكثر من الخصومة ... وتبقى فزان هى الام التي يحاول كل منا كسب رضائها ...
مع تحياتي واحترامي وتقديري للجميع
اخوكم / حامد احمد الحضيري
